عنوان الفتوى : مسائل حول زكاة المال الموروث وكيفية إخراجها
نشكركم على هذه الخدمة المتميزة, وأرجو رجاء كبيرا وحارا من كل القائمين على هذا الموقع المبارك أن يقرأوا رسالتي هذه، وأن يردوا على سؤالي في أقرب وقت لأنه أصبح لي مدة طويلة وأنا أعاني من هذه المشكلة, وسؤالي هو: نحن أسرة مكونة من خمس بنات، ثلاث منهم بالغات، واثنتان قاصرتان، وأخ صغير لنا، ووالدي، ووالدتي, والدي كان يملك محلا تجاريا يبيع فيه ألكترونيات وساعات وكانت مصدر دخله, وحالته المادية كانت ممتازة جدا, لكنه - غفر الله له- لم يكن يخرج الزكاة لأنه كان بخيلا، حتى النفقة علينا في أغلب الأمور الضرورية كان يقصر فيها, ولقد نصحناه كثيرا بإخراج الزكاة ورفض بشدة، وهو كان على هذا الحال طوال السنوات التي فاتت، منذ بداية تجارته التي أقدرها بحوالي عشرين عاما، والآن توفي قبل عام، والأموال كانت تعمل في صناديق استثمارية، وفي أسهم في عدة بنوك منها بنك سامبا، وبنك ساب، وشركة التوفيق، ومازالت الأموال إلى الآن مساهمة في تلك البنوك، ونحن أصدرنا صك حصر الورثة مفاده أن الورثة ينحصرون في أسرته، لكن والدتي طلبت منا أن تكون هي الوكيلة على هذه الأموال ولها كامل التصرف فيها، بحجة أننا لا نحسن التصرف في المال، وحتى يبقى المال مجموعا في جهة واحدة-عندها-بما أنها هي التي تدير المنزل وتتولى الصرف عليه, فوافقنا وقمنا بتوكيلها، والآن استفساراتي هي: ما الحكم في هذه الحالة؟ ما الذي يجب علينا؟ وكيف نخرج الزكاة عن تلك السنين؟وهل حصة أخواتي اليتيمات القاصرات تجب فيها الزكاة؟، لأن البعض أخبر والدتي أن مال اليتيم لا تجب فيه الزكاة؟ وهناك أمر آخر بدأ يضايقني وهو أن خالي الذي كان يعمل مع والدي أخبرني أن والدي كان يبيع دائما البضاعة التقليدية بسعر البضاعة الأصلية، وهذا أظن أن فيه غبنا ومخالفة كبيرة, كما أكد لي وسمعت أنا شخصيا من والدي قبل وفاته إصراره على هذه الأمور, ما العمل؟ أشعر أن هذه الأموال التي نأكل ونشرب منها الآن مال حرام أو على الأقل مشبوه، وإذا كنا سنخرج الزكاة فإلى أية جهة أسلمها وكيف أتأكد أنها بالفعل جهة مستحقة؟ أو من الأصناف الثمانية-أهل الزكاة- خاصة أنني كفتاة لا أستطيع أن أخرج وأبحث عن هؤلاء الأصناف؟ مع العلم أنني أنا التي توليت مسألة إخراج الزكاة هذه وأرجو أن أتممها بإذن الله، وأود أن أشير إلى أمر آخر وهو أنه يوجد من أقاربي-بنات عمتي-والدهم عليه ديون فهل يجوز إعطاؤهم الزكاة؟ وكذلك أخوالي دائما يطلبون منا صدقات ومساعدات مالية، هل يجوز إعطاء الزكاة لهم؟ لكن الذي ألاحظ في أخوالي وأسرهم أنهم اعتادوا واعتمدوا أخذ الصدقات والزكوات من الناس ولا يحاولون محاولة جادة للسعي في العمل، مع أنهم في صحة ومعافاة جسدية. فهل الأولى إعطاء الزكاة لهم أم لغيرهم من الناس؟ وشكرا لكم، ومعذرة على الإطالة، فقط أردت أن أوضح كل الإشكالات التي لدي, وأرجو أن تفيدوني وترشدوني في أسرع وقت, لأني عندما حاولت وسألت بعض العلماء كانت آراؤهم في هذه المسألة مختلفة، فأحببت أن أعرف رأي اللجنة الذي تتفق عليه.أنتظر الإجابة؟ وجزاكم الله خيرا. أختكم في الله مسلمة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجوابنا على سؤال الأخت السائلة يتلخص فيما يلي:
أولا: يجب إخراج الزكاة عن كل السنين التي لم يخرج فيها والدكم زكاة ماله، لأن تلك الزكاة حق لله تعالى وحق للفقراء، ولا يسقط هذا الحق بالتقادم، ولا يدخل في التركة التي يقسمها الورثة بينهم، وانظري الفتوى رقم: 20592 .
ثانيا: وأما كيفية إخراجها، فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 35577. كيفية إخراج الزكاة عن سنوات متراكمة فنحيل السائله إليها.
ثالثا: الأموال المستثمرة في الأسهم وصناديق الاستثمار لا يزكى منها إلا أصل المال والربح الحلال، وأما الزيادات الربوية، والربح الناتج عن الأسهم المحرمة فإن ذلك كله لا يحل للورثة، ويتخلصون منه بإنفاقه في المصالح العامة كما بيناه في الفتوى رقم: 104910 .
رابعا: ليس للوالدة الحق في المطالبة بالولاية على أموال الورثة من أولادها، وليس لها الحجر عليهم في التصرف، لأن من كان من الورثة بالغا رشيدا فهو ولي نفسه، ومن كان منهم دون سن البلوغ فوليه وصي أبيه، فإن لم يوجد فالقاضي أو من يقيمه، كما بيناه في الفتوى رقم: 37701 ، وإذا كان البالغون الرشداء منكم قد وكلوها فلهم الحق في إبطال تلك الوكالة متى شاءوا، وأما غير البالغ الرشيد فلا يحق لها التصرف في ماله ما لم تكن وصية من الأب أو معينة من القاضي.
خامسا: الراجح: من أقوال الفقهاء أن الزكاة تجب في مال اليتيم إذا بلغ المال نصابا وحال عليه الحول، هذا قول جمهور الفقهاء، فتجب الزكاة في مال إخوتك القصر إذا توفرت فيه شروط الزكاة، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 113211 ، 4369 ،6407
سادسا: إذا ثبت أن والدكم قد غش الناس في البيع فإن المال المكتسب من الغش حرام ولا يحل للورثة، ولا يقتسم الورثة مالا حراما كما بيناه في الفتوى رقم: 9616.
فإذا كنتم تعلمون قدر المال الحرام وأصحابه ـ الذين غشهم أبوكم ـ فأخرجوه من التركة وردوه إلى أصحابه، وإن كنتم تجهلون أصحابه فتصدقوا به عنهم، وإذا كنتم تجهلون قدر المال فلعل الصواب هو أن يحتاط من كان منكم بالغا رشيدا في التخلص مما يغلب على ظنه حرمته، ولا يؤخذ من نصيب غير البالغ الرشيد إلا ما علم يقينا أو ظنا غالبا أنه محرم.
سابعا: يجوز دفع الزكاة لبنات العم الفقيرات، وكذا للعم المدين والأخوال، ودفع الزكاة إليهم أولى من دفعها إلى غيرهم ممن لا تصلكم بهم قرابة، بشرط أن يكونوا من أهل الزكاة كما بيناه في الفتوى رقم: 25067.
ومن كان من أخوالك قادرا على الكسب وكان فقيرا بسبب كسله، لم يجز دفع الزكاة إليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوى. رواه أبو داود، ومعنى ذي مرة سوى: القوى القادر على الكسب.
والله أعلم.