عنوان الفتوى : فروق جوهرية بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري
قامت إحدى المؤسسات الإسلامية في بلادنا بإيجاد المعاملة المالية بطريقة تفاصيلها كالآتي: 1ـ تشترط المؤسسة أن يقوم المشاركون في هذه المعاملة بدفع الأقساط الشهرية بمبلغ قدره: 100 بات إلى المؤسسة في آخر كل شهر. 2ـ إذا مات أحد المشاركين تقوم المؤسسة بدفع مبلغ قدره: 3000 بات فورا إلى أحد ورثته. 3ـ في آخر الشهر تقوم المؤسسة بحساب قيمة الأقساط الإجمالية فتقسم على نصفين، النصف الأول يتم دفعه للمؤسسة خالصا، والنصف الآخر يدفع لورثة المتوفى خالصا إن كان المتوفى واحدا، أما إذا كان المتوفى أكثر من واحد فيقسم بينهم بالتساوي، فمثلا قيمة الأقساط في نهاية الشهر: 100,000ـ مائة ألف بات ـ فإن 50,000 بات تدفع للمؤسسة، أما 50,000 بات الأخرى فتدفع لورثة المتوفى، أما إذا كان هناك 5 قد ماتوا فتدفع لكل واحد منهم 10,000 بات ـ فقط ـ بالإضافة إلى 3,000 بات عند وفاته. 4ـ الذي يخل بالشروط ـ بعدم دفع الأقساط الشهرية، أو نقصها ـ لا يأخذ شيئا عند وفاته. 5ـ الدفع يكون بسبب الوفاة ـ فقط ـ دون حوادث جسمية، أو صحية، أو مالية، أوغيرها. و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتأمين التعاوني يقوم على أساس التبرع، ولا يقصد المشاركون فيه تحقيق ربح منه، وإنما يقصدون التعاون على تخفيف الأعباء وآثار المصائب التي قد تنزل بأحدهم، وهذا النوع من التأمين جائز شرعاً، لأنه تعاون محض وهو تطبيق لقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى. { المائدة: 2 }.
جاء في قرارالمجلس الأوروبي للإفتاء أنه لا مانع شرعاً في التأمين على الحياة، إذا أقيم على أساس التأمين التعاوني ـ التكافلي ـ وذلك من خلال التزام المتبرع بأقساط غير مرتجعة، وتنظيم تغطية الأخطار التي تقع على المشتركين من الصندوق المخصص لهذا الغرض، ومن ضوابط ذلك كما ذكر الشيخ القره داغي:
1ـ أنه يجب على الشركة المؤمنة أن لا تخالف الشريعة الإسلامية في عقودها، أو معاملاتها وأن لا تودع أموالها في بنوك ربوية.
2ـ حتى تكون عقود التأمين مشروعة يجب أن تقوم ـ من حيث المبدإ ـ على التبرع، وذلك لأن عقود المعاوضات المحضة تؤثر فيها الجهالة والغرر، بينما لا تؤثران في التبرعات، يقول سبحانه وتعالى: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم.
وذكر الشيخ فروقا بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري فقال: إن التأمين التكافلي الإسلامي:
1ـ يقوم على أساس التعاون والتواد والتراحم في ما بين المشتركين، ونتائج هذا التأمين تعود على المشتركين ـ سواء كانت ربحاً، أو خسارة ـ لذلك يخلو من المقامرة والغرر.
2ـ تستثمر اشتراكاته بطرق الاستثمار الشرعية المتاحة، لذلك يخلو من الربا المحرم شرعاً.
3ـ قيمة الاشتراك تجزأ إلى قسمين، أحدهما خاص بالتكافل، والآخر خاص بالادخار والاستثمار.
4ـ عوائد استثمار الاشتراكات تقسم بطريقة المضاربة الإسلامية.
5ـ طبيعة العلاقة بين طالب التعاقد والشركة هي اشتراك في نظام تعاوني.
6ـ في حالة انسحاب المشترك لا يتم حسم أي مبالغ من الاشتراكات المخصصة للادخار والاستثمار.
7ـ إعادة التأمين تكون لدى شركات إعادة التأمين الإسلامية، أو غيرها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
8ـ شروط وأحكام ومزايا وآلية نظام التكافل تخلو من أي محظور شرعي.
9ـ لا توجد لإدارة الشركة والعاملين لديها أي مصلحة في عدم تسديد أي حقوق تستحق بموجب شروط عقد التكافل.
وأما التأمينات التجارية على الحياة:
1ـ فلا تقوم على أساس التعاون، حيث تعود نتائج التأمين على أصحاب الشركة، لذلك لا تخلو من المقامرة والغرر.
2ـ تستثمر أقساطه في البنوك التجارية، لذلك لا يخلو من الربا المحرم شرعاً.
3ـ قيمة القسط الخاصة بالتأمين والادخار مدمجة معاً.
4ـ عوائد استثمار الأقساط مضمونة من بداية التعاقد، بموجب سعر فائدة ثابت ومحدد من بداية التأمين.
5ـ طبيعة العلاقة بين طالب التعاقد والشركة محددة بمؤمن ومؤمن عليه.
6ـ في حالة انسحاب المؤمن عليه قبل مضي سنتين من مدة التأمين لا تعود للمؤمن عليه أي من الأقساط التي قام بدفعها، وبعد مضي سنتين فأكثر تعاد للمؤمن له نسبة من الأقساط التي دفعها.
7ـ إعادة التأمين تكون لدى شركات تجارية وغالباً ما تكون أجنبية.
8ـ شروط وأحكام وآلية التطبيق لا تخلو من المحظورات الشرعية.
9ـ لإدارة الشركة مصلحة كاملة في عدم تسديد أي حقوق تستحق بموجب شروط عقد التكافل.
فما ذكره السائل غير كاف في الحكم على التأمين المذكور بالحل، أو الحرمة. وعلى المؤسسة الإسلامية اعتماد ما تقدم من شروط التأمين حتى يصير التأمين تأمينا تعاوينا تكافليا.
والله أعلم.