عنوان الفتوى : راتب من شركة رأس مالها مختلط
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أعمل في شركة رؤوس أموالها مختلطة بين الحلال و الحرام، وتقوم ببيع الأراضي للمستثمرين، هل يجوز لي أن أضع في نيتي أنني أقبض راتبي من جهة معينة من الجهات الحلال المشتركة في الشركة دون الجهات الأخرى التي أعرف أن مالها حرام، مثل البنوك، حتى يكون كل ما أقبضه و أتقاضاه من المال الحلال الذي لا أشك في أنه به شيئ محرم علما بأن نسب المشاركة في رأس المال للجهات المختلفة هي كالأتي:
بنك مصر (22.5% من رأس المال) و بنك الاستثمار القومي( 22.5% من راس المال) بالاضافة الى شركة اجنبية ( صينية ) (10% من رأس المال) و شركة المقاولون العرب (22.5%من راس المال) و هيئة قناة السويس( 22.5 % من راس المال). فهل يجوز لي مثلا أن أقول، و تكون نيتي أنني أعتبر أنني أقبض راتبي من هذه الشركة المختلطة الاموال من أحد المؤسسين الذين اعتبر مالهم حلالا مثل شركة المقاولون العرب دون الجهات الأخرى المحرمة . و لكم جزيل الشكر على صبركم على الإجابة على أسئلتي، وجزاكم الله كل خير في الدنيا والآخرة، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أيتها السائلة الكريمة نشكر لك حرصك على معرفة الحق، وتلهفك على العمل به، أما بخصوص ما استفسرت عنه بشأن الراتب، فنفيدك بأنه لا شبهة في راتبك لأنك تقومين بعمل حلال لا شبهة فيه، ولا يضرك كون بعض مالكي المكان لهم تعاملات غير شرعية، فإنك تأخذين راتبك في مقابل عملك الذي تقومين به، والمال لا يوصف بالحل والحرمة من حيث ذاته، ولكن التعامل هو الذي يوصف بالحل والحرمة، فالمال قد يكون في يد أحدهم حراما ثم ينتقل إلى آخر فيكون حلالا، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ الجزية من اليهود ومن المعلوم أن اليهود كانوا يتعاملون بالربا، وقد شهد القرآن عليهم بهذا فقال تعالى : ” وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِل،ِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيما” (النساء:161). ولكن بانتقال المال إلى المسلمين باعتبار الجزية جعلها حلالا في أيديهم، وقد أخذ الفاروق الجزية من أهل الذمة من ثمن الخمر التي يتبايعونها، بدلاً من أخذ الخمر، وقال: “ولّوهم بيعها وخذوا منهم أثمانها” أخرجه عبد الرزاق في المصنف، وأبو عبيد في الأموال، قال شيخ الإسلام: “وهذا ثابت عن عمر -رضي الله عنه-“، وهو مذهب الأئمة”.فالشيء إذا فارق محله انتفت عنه صفته.
فمن الأصول المتفق عليها أن من اكتسب مالاً حراماً فوزره عليه، ولا يتعداه إلى الآخرين إذا كان تعاملهم معه مشروعاً في نفسه.
فعلى هذا نقرر أنه لا شبهة في راتبك.
والله أعلم.