عنوان الفتوى : مسائل حول سماع الأموات و شعور المقبور بمن حوله
سؤال: هل يوجد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة أي نص عن إدراك الإنسان لما يحدث حوله عند ما يموت وإلى أن يتم دفنه؟ نعم هناك أحاديث عن هذا قول النبي عندما كان يكلم كفار بدر في البئر وقيل له يا رسول الله أتكلم جيفا؟ قال: والله إنهم أسمع مني منكم. أي يسمعون أكثر مما يسمعه الصحابة. وهناك أحاديث عن خروج الروح إلى السماء ثم نزولها لحضور الجنازة، ثم ترد للميت وجلوسه، وبعدها يأتي الملكان، ورؤيه إنسان في القبر ويكون العمل الصالح يدافع ويرد عنك ويثبتك، وبعد ذلك إما حفره من نار -والعياذ بالله- وإما روضه من الجنة. ويقول الكافر: اللهم أخر قيامتي، ويقول المؤمن: اللهم عجل بيوم القيامة. وهناك أن الميت يستأنس بمن يزوره ويعرف أخبارهم، وهناك حديث عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن نجلس بعد الدفن ساعة أي مدة حتى يستأنس بكم، وهناك حديث سمعت أنه غير متواتر من شيخ يقول سيدنا محمد: عذاب أمتي في القبور. أما الشهيد -وربنا يجعلنا وإياك من الشهداء- فلا يمر بكل هذه المراحل ولكن يكون حي من أول لحظة، وفي نعيم من أول لحظة، ولقوله: بل أحياء عند ربهم يرزقون. ولا علاقة له بموضوع القبر ولا يسأله الملكان، ويعيش حياته لحد قيام الساعة في نعيم وهو حي، ويستبشر بالذين كانوا معه أي يقول إن شاء الله صاحبي فلان يستشهد، وسورة يسن بها مشهد كهذا: قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي. وكان قومه قد قتلوه لأمانه وعند موته دعا لهم وتمنى أن يعلموا ما هو فيه. وربنا يجعلنا من الشهداء لأن هذا طريق سريع للجنة وحياه ثانية اللهم أرزقنا الشهادة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ندري هل الأخ الكريم يسأل أم يجيب؟! وعلى أية حال فمضمون هذا الكلام صحيح في الجملة، وقد سبق لنا تفصيل هذه المعاني، وبيان أحوال المحتضر والمقبور وما يتعلق بإدراكهم لما حولهم، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 4276، 54990، 119951، 132205، 14368، 105362، 132465. وكذلك ما يتعلق بمنزلة الشهداء وفضائلهم، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 12114، 37026، 61234.
ومما ننبه عليه في كلام الأخ السائل، أن الأمر بالجلوس بعد الدفن ساعة، ليس ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ورد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه حيث قال: إذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي. رواه مسلم. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 57138.
وكذلك قول السائل: (هناك حديث سمعت أنه غير متواتر من شيخ، يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: عذاب أمتي في القبور). فلم نجد حديثا بهذا النص، ولكن قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه. رواه مسلم.
أما بلفظ العذاب في القبر فلم نعرفه، وقد ثبت خلافه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: عذاب أمتي في دنياها. قال الهيثمي: رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله ثقات. اهـ. وصححه الألباني.
والله أعلم.