عنوان الفتوى : هل يعاني الأطفال من سكرات الموت؟
هل الأطفال لديهم سكرات موت؟ وهل يشعرون بسكرات الموت؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسكرات الموت هي شدته وغمرته التي تعتري من نزل به الموت، وهي عامة في حق كل أحد، وإن تفاوت الناس فيها بحسب ما تقتضيه حكمته تعالى، ولم يرد في النصوص ما يفيد استثناء الأطفال منها، فهم يعانونها كما يعانيها غيرهم؛ لما لله تعالى في ذلك من الحكمة.
قال الدكتور عمر الأشقر رحمه الله: للموت سكرات يلاقيها كل إنسان حين الاحتضار، كما قال تعالى: (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ) [ق: 19]، وسكرات الموت كرباته وغمراته.
قال الراغب في مفرداته: " السكر حالة تعرض بين المرء وعقله، وأكثر ما تستعمل في الشراب المسكر، ويطلق في الغضب والعشق، والألم والنعاس، والغشي الناشئ عن الألم وهو المراد هنا".
وقد عانى الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه السكرات، ففي مرض موته صلوات الله وسلامه عليه كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه، ويقول: لا إله إلا الله، إن للموت سكرات. انتهى.
فإذا لم يسلم النبي صلى الله عليه وسلم من هذه السكرات، فمن دونه أولى، وقد بين العلماء الحكمة من تشديد الموت ونزول سكراته.
ومن ذلك ما قال ابن العربي: إن الباري بقدرته وحكمته يخفف إخراج الروح ويشدده، بحسب حال العبد، فتارة يشدده عذابا، وذلك على الكافر. وتارة كفارة، وذلك على المذنب، وتارة رفعة درجات، وزيادة حسنات، وذلك في الولي. وتارة حجة على الخلق وتسلية وقدوة، وأسوة، كما لقي المصطفى صلى الله عليه وسلم منه. انتهى.
وما ينزل بالأطفال من هذه السكرات هو من جنس ما يعتريهم من الآلام والأمراض والمصائب في الدنيا، وقد طال كلام أهل العلم في حكمة نزول الأمراض ونحوها بالأطفال، وقد ذكرنا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 274774 فانظرها وما تضمنته من إحالات.
والله أعلم.