عنوان الفتوى : الحكمة من ابتلاء الصبيان والحيوانات
ما الحكمة من العذاب الذي يصيب الحيوانات أو الأطفال من مرض وغيره؟ وحينما عذب الله القرى الظالمة عذابا شمل كل كائن حي أضف إلى ذلك عذاب أطفال المشركين في النار، كما حدث النبي -صلى الله عليه وسلم- خديجة حينما سألته عنهم، كل هذا يصيبني بالحيرة! فالرجاء التوضيح.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تكلمنا عن الحِكمة من ابتلاء الصبيان في الفتوى رقم: 95198، والفتوى رقم: 68299، فراجعهما.
وقد سئل العلامة الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- عن الحكمة من ابتلاء الأطفال بالأمراض في الدنيا، فأجاب: إن الله -عز وجل- أخبر عن نفسه بأنه حكيم عليم، وأنه -جل وعلا- يبتلي عباده بالسراء والضراء، والشر والخير، ليختبر صبرهم، ويختبر شكرهم، والأطفال -وإن كانوا لا ذنب عليهم- فالله يبتليهم بما يشاء لحكمة بالغة، منها: اختبار صبر آبائهم، وأمهاتهم, وأقاربهم، واختبار شكرهم، وليعلم الناس أنه -جل وعلا- حكيم عليم, يتصرف في عباده كيف يشاء، وأنه لا أحد يمنعه من تنفيذ ما يشاء -سبحانه وتعالى- في الصغير، والكبير، والحيوان، والإنسان. فما يصيبهم من أمراض وعاهات فيه حكمة بالغة، منها: ليعلم الناس قدرته على كل شيء، وأنه يبتلي بالسراء والضراء حتى يعرف من رزق أولادًا سالمين فضل نعمة الله عليه، وحتى يبصر من ابتلى بأولاد أصيبوا بأمراض فيصبر ويحتسب، ويكون له الأجر العظيم، والفضل الكبير على صبره واحتسابه، وإيمانه بقضاء الله وقدره وحكمته. اهـ.
وفي خصوص مصير من مات من أولاد الكفار قبل البلوغ: فقد اختلف أهل العلم فيه، وقد فصلنا القول في ذلك، وبينا ضعف حديث خديجة في الفتويين التالية أرقامهما: 51768، 28581.
وأما عن عذاب الحيوان: فقد سُئل الدكتور الشيخ صالح الفوزان عنه، فقيل له:
نعلم حكمة ما يصيب الإنسان المسلم من مصائب، فقد تكون امتحانًا وابتلاء، وقد تكون عقوبة لما حصل منه من أخطاء، هنا يأتي سؤال: ما الحكمة من المصائب التي تقع على الإنسان الكافر؟ وما الحكمة من وقوع المصائب والأوجاع على الأطفال الصغار، حيث تقع على بعض الأطفال دون البعض الآخر؟ وماذا يقال عن المصائب (من مرض أو كسر أو جرح) التي تقع على بعض الحيوانات والطيور؟ فأجاب:
حكمة الله تعالى في خلقه لا يمكن الإحاطة بها، فمنها ما ندركه، ومنها ما لا ندركه، لكننا نقطع ونؤمن أن الله سبحانه لا يفعل شيئًا إلا لحكمة بالغة؛ لأنه سبحانه منزه عن العبث، وما يصيب الكافر من المصائب فإنه عقوبة على كفره ومعاصيه، قال تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة:21]، وقال تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ} [الطور: 47]، وأما ما يصيب الصغار، فإنه قد يكون عقوبة لآبائهم أو ابتلاء لآبائهم، ليظهر صبرهم واحتسابهم إلى غير ذلك، وكذا ما يصيب البهائم فإنه عقوبة لملاكها أو ابتلاء لهم، قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 155، 156]. اهـ.
وأما ما يصيب الدواب والصبيان في الغضب العام: فإنه من شؤم معصية الكفار؛ فإن الغضب يعم جميع أهل الأرض، كما قال الله تعالى: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ {فاطر:45}.
والله أعلم.