أرشيف المقالات

ثمرة اقتران الصيام بذكر الله تعالى

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
ثمرة اقتران الصيام بذكر الله تعالى
 
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحْبه ومن والاه، أما بعد:
فإن ذكر الله تعالى من أفضل الطاعات، وأجل الأعمال والقربات، أمر الله به في كتابه الكريم، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 41، 42]، وأثنى سبحانه وتعالى على المكثرين من ذكره، المشتغلين بتعظيمه سبحانه وتعالى، فقال تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، وفي الحديث عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ، فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى[1].

وإذا كان ذكر الله تعالى من أفضل الأعمال، فإن شهر مضان من أفضل الشهور، وإن اقتران الذكر بالصيام في هذا الصيام له ثمراتٌ وفوائدُ عظيمة؛ منها:
1) أن اشتغال الصائم بالذكر من شأنه أن يحفَظ له صيامه؛ لأنه يشغله عن آفات اللسان، فإن الإنسان لا بد له أن يتكلم، فإن لم يتكلم بذكر الله تعالى، تكلَّم بالمحرمات أو بعضها، ولا سبيل إلى السلامة منها البتةَ إلا بذكر الله تعالى، فمن عوَّد لسانه ذكر الله صان لسانه عن الباطل واللغو، ومَن يبس لسانه عن ذكر الله تعالى، ترطب بكل باطل ولغو وفُحش[2].
 
2) أن اشتغال الصائم بالذكر من شأنه أن يجبر له النقص الحاصل في الصيام، فالصيام لا يخلو من آفات من شأنها أن تؤثر فيه، والذكر من شأنه أن يكمل الصيام، ويجبر النقص الحاصل فيه.
 
3) أن أكثر الصائمين أجرًا أكثرهم ذكرًا لله تعالى، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله تعالى: أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكرًا لله عز وجل، فأفضل الصوام أكثرهم ذكرًا لله عز وجل في صومهم، وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكرًا لله عز وجل، وأفضل الحجاج أكثرهم ذكرًا لله عز وجل، وهكذا سائر الأحوال[3].
 
4) أن ذكر الله تعالى يهوِّن على الصائم مشقة الصيام، فذكره عز وجل من أكبر العون على طاعته، فإنه يحبب الطاعة إلى العبد، ويسهلها عليه، ويلذِّذها له، ويجعل قرة عينه فيها، ونعيمَه وسرورَه بها؛ بحيث لا يجد لها من الكلفة والمشقة والثقل ما يجد الغافل، فذكر الله عز وجل يسهِّل الصعب، وييسِّر العسير، ويخفِّف المشاق، فما ذكر الله عز وجل على صعب إلا هان، ولا على عسير إلا تيسَّر، ولا مشقة إلا خفت، ولا شدة إلا زالت، ولا كربة إلا انفرجت[4].
 
5) أن الصيام عبادة شاقة كما هو معلوم، فناسبه أن يقترن به الذكر؛ لأنه أيسر الأعمال، وأخفها على النفس واللسان.
 
فاللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.



[1] سنن الترمذي، كتاب الدعوات.


[2] الوابل الصيب، ص44.


[3] الوابل الصيب، ص 75.


[4] الوابل الصيب، ص 77.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢