عنوان الفتوى : يرجى دخول الجنة لمن كان آخر كلامه لا إله إلا الله
عندما جاءت سكرة الموت لأمي كانت تردد في البداية لا خوف ولا فزع من لقاء الله، حتى وصلت الروح إلى المنتهى، وأتى زوجها يلقنها الشهادة، فقالت: أشهد أن لا إله إلا الله -ثلاث مرات- بصوت واضح، حتى وصلت لمرحلة الحشرجة، وكانت ترددها، ثم توفيت إلى رحمة الله -تعالى- كانت أمي مريضة وقعيدة، ولا تقدر على الحركة إلا بصعوبة بالغة، ومرضت منذ نحو الشهرين، ولم يتيسر لها إتمام الصلاة إلا عند الاستحمام. هل عليَّ قضاء صلاتها؟ وهل ستحاسب على التقصير فيها؟ وكنت أقسو عليها حتى تذهب إلى الحمام، وتصلي، وتقول: يعلم الله بحالي وتعبي، وقد كانت من المجتهدات في الصلاة، حتى أنها كانت تصلي فروضها كاملة بعد انتهاء الحيض، وتقول لعلها تنفعني عند الحاجة، وكانت دائمة ومواظبة على ختم المصحف الشريف، حتى أنها أصبحت تقدر على الختم في ثلاثة أيام فقط. ثم في يوم واحد، وعندما كان يتوفى أي شخص وتعلم، تقوم بختم القرآن، وتهب الثواب للمتوفى. أرجو الإفادة فيما يخص الصلاة، وخاتمتها، وختم القرآن الكريم لها بعد وفاتها. وشكرا للرد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لوالدتك ولسائر موتى المسلمين، ولا شك أنه قد خُتِمَ لها بخير ما دامت قد نطقت بشهادة التوحيد عند وفاتها، ففي الحديث: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ. رواه أحمد، وعند ابن حبان بلفظ: فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلِمَتِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ دَخَلَ الْجَنَّةَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه. اهــ
كما أن حسن ظنها بالله تعالى في ذلك الموطن يعتبر من علامات حسن الخاتمة، فنرجو لوالدتك الجنة إن شاء الله، كما نرجو أن يثيبها الله تعالى على قراءتها وختمها للقرآن، والله تعالى أخبرنا في كتابه أنه لا يضيع أجر من أحسن عملا.
وأما الصلاة عنها: فمن مات وعليه صلوات فوائت، فإنه لا يشرع قضاؤها عنها بالإجماع، قال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى {النجم:39}، وأجمعوا أنه لا يصلي أحد عن أحد. اهـ
وما تركته من الصلوات بسبب المرض لعل الله تعالى أن يغفره لها، أو يعوضه من نوافلها، وإلا فإن الأصل أن الصلاة لا تسقط عن المريض ما دام عاقلا، والمرض ليس عذرا لترك الصلاة، ويمكن المريض أن يصلي على الكيفية التي لا مشقة عليه فيها، ولو كان ذلك إيماءً.
أما ختم القرآن عنها فقد ذهب جمع من الفقهاء إلى أنه يشرع للمسلم أن يتقرب إلى الله تعالى بشيء من القربات ثم يدعوه أن يهب ثوابه للميت، فلو ختمتم القرآن ثم سألتم الله تعالى أن يهب لها ثواب تلك الختمة لنفعها ذلك إن شاء الله تعالى ، وانظري الفتوى رقم 8132 ، 120562 .
والله تعالى أعلم.