عنوان الفتوى : كرامات الشهداء ومنزلتهم
ما هي كرامات الشهداء ومنزلتهم؟ وهل هناك من درجة أعظم من الشهادة يستطيع الإنسان أن يقوم بها إن لم يستطيع الجهاد؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كان مقصود السائل بقوله "كرامات الشهداء" ما يحصل لهم بعد موتهم من العلامات الدالة على صدقهم وقبول الله لهم، فإن هذا كثير لا يمكن حصره، فمنهم من تُشَمُّ منه رائحة المسك، ومنهم من يموت وهو يبتسم، ومنهم من يرى على وجهه الانشراح والنور. وإن كان مقصوده ما أعد الله لهم، فقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث تَتْرى في بيان فضل الشهداء. فمنها قوله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:169-171]. وقال صلى الله عليه وسلم: ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة، وفي رواية: لما يرى من فضل الشهادة . رواه الشيخان عن أنس . وقول السائل هل هناك درجة أعظم من الشهادة.. الخ الجواب عليه هو نعم، فدرجة الصديق أعلى من درجة الشهيد. قال تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً [النساء:69]. وقال تعالى:أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ [الحديد: 19]. قال ابن كثير رحمه الله: ولا شك أن الصديق أعلى مقاما من الشهيد كما رواه مالك عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: : إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم. قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: بلى، والذي نفسي بيده رحال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين . اهـ والحديث رواه الشيخان أيضا. والله أعلم.