عنوان الفتوى : أعمال مقترحة تغني عن العمل المختلط
أنا فتاة أخاف الله وأسعى إلى نيل رضاه والجنة، وأنا متخرجة من كلية الهندسة وأدرّس حاليا في الجامعة، لكن هذا العمل مختلط وحتى لو تجاوزت الاختلاط مع الزملاء، فإن القسم مختلط، وفي البداية ساهمت بمرتبي في إعانة عائلتي وتكاليف زواج أختين، لكنني الآن على أبواب زواج وأرغب في التخلي عن هذا العمل لأسباب الاختلاط، على الرغم من أن زوجي في حاجة لمساهمتي بطبيعة دخله المحدود، فالمنزل لم يكتمل بعد ولا يملك سيارة تعيننا على زيارة العائلتين وقضاء شؤوننا، وسؤالي: هل قراري هذا صائب؟ وهل من الممكن فتح مشروع خاص لمساعدة زوجي وعائلتي؟ وما هو المشروع الممكن القيام به بالنسبة لي كفتاة؟ وهل مشروع في مجال الخدمات الإعلامية العامة بالنسبة للطلبة في مكان قريب من الجامعات ممكن؟ مع العلم أنه في هذا الحال سيكون من بين الحرفيين طالبات وطلاب ـ أيضا. أرجو من سيادتكم الرد الكافي والشافي، لأنني في حاجة لمن يفتيني. وبارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فلا شك أن بعد النساء عن أماكن الاختلاط حتى مع التزامهن بآداب الشرع ولزومهن لبيوتهن هو الأسلم لدينهن وأخلاقهن وأعراضهن، فإن الأصل هو قرار المرأة في بيتها، لقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب:33}.
فإن اضطرت المرأة للعمل فعليها أن تختار من الأعمال ما يناسب طبيعتها، وعليها أن تجتنب الأعمال التي يحدث فيها الاختلاط بالرجال الأجانب، لأن العمل في هذه الأماكن ذريعة للفساد والفتنة، فإن لم يتيسر لها العمل في أماكن خاصة بالنساء واحتاجت إلى العمل في الأماكن المختلطة حاجة حقيقية - لا مجرد هوى واستكثار من الأموال وزينة الدنيا - فعليها أن تلتزم ـ أثناء عملها في هذه الأماكن ـ بالآداب الشرعية ومنها:
1- أن تتحجب حجاباً كاملاً وأن تخرج من بيتها غير متعطرة ولا متبرجة بزينة.
2- أن تتجنب الجلوس بجوار الرجال والخلوة بهم وأن تغض بصرها عنهم.
3- أن تتجنب محادثتهم فيما لا تدعو الحاجة إليه ويكون الحديث واضحاً لا ملاينة فيه ولا انبساط وبعيداً عن كل ما يخدش الحياء.
4- أن يكون العمل مباحاً في ذاته، فلا يجوز العمل في الأعمال المحرمة ـ كالسينما وأماكن اللهو المحظور.
5- أن تواصل البحث عن بديل لعمل آخر بعيد عن أماكن الفتنة والفساد.
ومن هنا، يتبين أن قرارك بترك العمل في هذا المكان المختلط قرار صائب موافق لشرع الله وأمره، ويمكنك الاستعاضة عن ذلك بعمل خاص يتناسب مع طبيعتك وينأى بك عن أماكن الشر والفتنة والاختلاط بالرجال، وليس لدينا في ذلك تصور محدد ننصحك به، لكننا نقول: كل عمل مباح بعيد عن الاختلاط بالرجال لا حرج عليك من مزاولته، ويمكنك ـ على سبيل المثال ـ أن تعطي بعض الدروس والمحاضرات الخاصة للطالبات ـ سواء كن في مرحلة الجامعة أو غيرها من المراحل ـ ويمكنك التدريس في بعض المدارس الخاصة بالبنات ونحو ذلك حتى وإن كان العائد المادي من هذا دون العائد المادي من العمل في الأماكن المختلطة، فإن الله سبحانه يبارك في القليل وينميه لصاحبه، كما قال سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ {الأعراف:96}.
وقال سبحانه: وَمَن يتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}.
وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}.
وراجعي شروط عمل المرأة خارج البيت في الفتويين رقم: 28006، ورقم: 24827، وراجعي حكم العمل في الأماكن المختلطة في الفتوى رقم: 1734.
والله أعلم.