عنوان الفتوى : حكم الامتناع عن العمرة وعن التراويح في الحرمين خوفا من انفلونزا الخنازير
أنا مقيمة بالمدينة المنورة بفضل الله، ولا يخفى عليكم انتشار وباء انفلونزا الخنازير، وخاصة بالمدينة ومكة. فهل يعد أداء صلاة التراويح بالمنزل بدلا من المساجد خوفا من انتشار الوباء في التجمعات، وكذلك عدم أداء العمرة في رمضان لنفس السبب قادحا في عقيدة المؤمن، حيث قال الرسول صلى الله عليه و سلم : لا عدوى ولا طيرة؟ مع العلم أن زوجي مصاب بحساسية صدر، وهناك خطورة عليه إذا أصيب بالوباء؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا. و كل عام وأنتم بخير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن حضور المساجد لأداء صلاة التراويح له فضل عظيم، وفيه خير كثير، وخاصة في الحرمين الشريفين. ولكن الواجب هو حضور الصلوات المفروضة من الجمعة والجماعة، فهذه هي التي يجب حضورها ولا يجوز التخلف عنها إلا بعذر، والعذر قد سبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم: 15085.
وعلى ذلك فإذا كان الخوف من الضرر متحققا أو يغلب على الظن حصوله، فإن ذلك يبيح التخلف عن الجمعة والجماعة وأحرى صلاة التراويح.
وكذلك الأمر بالنسبة للعمرة الواجبة وأولى غير الواجبة. والمرجع في ذلك كله إلى أهل الاختصاص وأهل هذا الشأن من الأطباء ووزراء الصحة. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 122144.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة. فالمقصود منه- كما قال أهل العلم- نفي صحة الطيرة والعدوى على وجه المبالغة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يوردن ممرض على مصح. وقال:.. وفرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد. وقال عن الطاعون : وإذ سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه. والأحاديث كلها صحيحة رواها البخاري وغيره.
فبين صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث أن الأمراض لا تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله تعالى، وأن الله هو الذي يمرض ويشفي، ونهاهم عن الدنو منها ليبين لهم أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تفضي إلى مسبباتها كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 49913.
ولذلك فاتخاذ الأسباب مأمور به شرعا، ولا يقدح في عقيدة المؤمن، وقد قال أهل العلم: ترك الأسباب قدح في الشرع، والاعتماد عليها وحدها شرك.
والله أعلم.