عنوان الفتوى : حضور الجماعة وطلب العلم النافع والأمر بالمعروف من خصال الخير
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.1-أنا يوميا أتعرض خلال الدراسة لرؤية الفتيات الغير محجبات. فماذا أفعل؟2-خلال الحصص الدراسية أسمع المؤذن ولا أستطيع الإجابة.فماذا أفعل؟3-أنا أرغب أن أنضم إلى إحدى الطرق الصوفية أو في التزهد والتفرغ لطلب العلم عملا بقول الرسول"يوشك أن يكون خير مال المسلم..." و قوله للصحابة"سيأتي علىالناس زمان العلم فيه خير من العمل" و لكن أبي يرفض. فبما تنصحني؟4-أبي يمنعني من الذهاب إلى المسجد خوفا من الحكومة. فهل يحق له ذلك.5-أنا لاأملك زادا يمكنني من إقامة الحجة على القائمين بمنكرات الأعمال فهل يجوز لي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر علما أني فقدت العديد من الأصدقاء لعدم إطاعتهم لي.جزاكم الله خيرا. وأرجو الإسراع بالرد علي لأني بحاجة إلى ردكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما الفقرة الأولى من سؤالك فراجع لها الفتوى رقم:
2523
وإذا كان المسلم في دراسة أو وظيفة أو أي مكان كان وسمع النداء فإنه يجب عليه أن يستجيب للنداء ويذهب لأداء الصلاة في وقتها، وفي المسجد حيث ينادى لها، وهذا كله إذا لم يكن من أصحاب الأعذار الشرعية التي تسقط وجوب الجماعة. وهي ثمانية ذكرها ابن قدامة في كتابه الكافي وهي: المرض والخوف والمطر والوحل والريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة وأن يحضر الطعام ونفسه تتوق إليه، وأن يدافع الأخبثين أو أحدهما، وأن يكون له قريب يخاف أن يموت ولا يحضره فيحضره. وهذه الثمانية لها تفريعات ذكرها ابن قدامة رحمه الله. وإذا وجبت الجماعة على المسلم فليس لأبيه أن يمنعه منها، لأنه ليس لأبيه أن يمنعه مما هو واجب عليه بالشرع. ولكن إذا منع الوالد ابنه من الذهاب إلى المسجد لأداء الجماعة خوفاً عليه من ضرر متحقق أو غالب، وجبت طاعة الأب لأن الجماعة لا تكون واجبة عليه ساعتئذ لأن الخوف عذر، فقد روى أبو داود من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له، إلا من عذر " قالوا: يا رسول الله وما العذر؟ قال: "خوف أو مرض" . قال ابن قدامة رحمه الله: وسواء خاف على نفسه من سلطان أو لص أو سبع أو غريم يلزمه ولا شيء معه أو على ماله من تلف أو ضياعه أو سرقته… إلى آخر ما ذكر.
والخلاصة أن مجرد حضور الحصة الدراسية ليس من الأعذار المبيحة لترك الجماعة. أما الخوف من ضرر محقق أو غالب على النفس أو المال فهو من الأعذار التي تسوغ التخلف عن الجماعة.
وأما التفرغ لطلب العلم النافع والعمل به فهو من أعظم القربات عند الله تعالى ولا سيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الجهل وعم فيه الفساد. ويكفي في فضل طلب العلم قوله تعالى: ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )[المجادلة: 11] وقوله عز وجل: ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط )[آل عمران: 18] وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في سنن ابن ماجه " طلب العلم فريضة على كل مسلم " وترجم البخاري فقال: باب الخروج في طلب العلم، ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد.
وعلى هذا، فإنا ننصح الأخ السائل -وفقنا الله وإياه- بالاشتغال بطلب العلم النافع والعمل به مع نية نفع المسلمين به ونشر الدعوة الإسلامية. أما الالتحاق بإحدى الطرق الصوفية فلا.
وراجع إجابتنا عن الصوفية الموجودة اليوم في الجواب رقم:
8500 322
وأما القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمن أعظم واجبات الأمة، وهو واجب على كل واحد بحسبه، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " وهذا رواه مسلم وأصحاب السنن من حديث أبي سعيد الخدري. ولكن ينبغي أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مضبوطاً بالكتاب والسنة حتى يحصل المقصود منهما. ومع هذا فإنه لا يشترط العلم بتفاصيل الكتاب والسنة حتى يقوم المسلم بهذا الواجب، فإن هناك أنواعاً من المحرمات لا تخفى على أحد، كشرب الخمر والزنا والعقوق والكذب. كما أن هناك أنواعاً من الواجبات لا تخفى على أحد، كوجوب الصلاة والصوم والحج وما إلى ذلك. فهذه لا يُظن بمسلم في الجملة أنه يناقش فيها.
وهناك أنواع من المحرمات والواجبات لا يعلمها كثير من الناس بل قد تكون محل خلاف بين أهل العلم، فمثل هذا النوع لا بد فيه من التزود بالعلم الصحيح الذي تقوم به الحجة أو الرجوع إلى أهل العلم الثقات. وسؤالهم، قال تعالى: ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )[النحل:43] وإلا فات المقصود. وإذا قام الإنسان بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالشكل الصحيح فقد فعل ما عليه سواء رضي الناس عنه أو لا، بل فالمطلوب رضى الله عز وجل، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يرضي المسلم جميع الناس خصوصاً إذا قام بهذا الواجب، بين هذا قول الله جل وعلا: ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [يوسف:103] وقوله تعالى: ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) [الأنعام:116]
والله أعلم.