عنوان الفتوى : مسائل في الزوجة التي أسلمت ثم ارتدت
دعوت امرأة نصرانية من البروتستانت للإسلام وأظهرت حبي لها وعطفت عليها، وأظهرت لها الأخطاء الموجودة في الديانة النصرانية، وأهديتها نسخة الكترونية من معاني القرآن باللغة الروسية، وأكرمتها وعرفتها على كثير من الأخوات المسلمات اللاتي دخلن في دين الله من الروس، وخلال تلك الفترة بينت لها أن المجتمعات النصرانية مجتمعات منحلة، وأن الله واحد وذكرت لها قصة عيسى بن مريم عليه السلام في الإسلام وإكرامنا له ولأمه. وبعد شهر من تعارفنا جاءتني المرأة وأعلنت إسلامها بين يدي والتزمت بالحجاب الإسلامي الصحيح، والتزمت بصلاة الفرض والسنن، وتركت أهلها وسكنت مع أخوات مسلمات، وطلبت مني الزواج منها، وكنت أنا ممن ألقي المحاضرات على الإخوة المسلمين في المدينة حيث لله الفضل والمنة كان لدي علم قليل، وكنت ألقي عليهم التوحيد والسنة النبوية، وأدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم بفهم سلف الأمة. طلبت مني الفتاة الزواج منها كما وعدتها بأنه إذا أسلمت ممكن لي الزواج منها، وحيث إني أحببتها ولكني كنت مترددا لعدم ثقتي بأن إسلامها كان خالصا لله بل لحبها لي. ولكن الإخوة نصحوني وأشاروا علي بأنه ممكن أن أتزوجها وأعطيها دروسا في المنزل فتقوم هي بإلقاء الدروس على الأخوات المسلمات. وأنا القي الدروس على الإخوة المسلمين، فتعم الفائدة، وفي نفس الوقت أستر على هذه المرأة المسلمة، وتزوجتها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وكانت المرأة بكرا وتبلغ من العمر 24 عاما، وقد أعجبني التزامها بالحجاب الشرعي، ولكن كنت أريد منها الأكثر، وكنت أنصحها وأشدد عليها في بعض الحالات، لا بل وكنت أتضجر منها لكي تلتزم بأكثر من ذلك. سألتني مرة بأن هناك أفكارا تراود ها في بالها بأن المسيح هو ابن الله إلى حد الآن لم تخرج هذه الفكرة من بالها. فقلت لها إن هذا هو الشيطان يريد أن يردك إلى الكفر بعد أن أسلمت وتعلمت دعاء اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك. وبعد زواجنا كانت تستمع إلى الدروس التي كنت ألقيها عليها لتعلم حقوق الزوج وتلقيها على الأخوات المسلمات باللغة الروسية وكان الأمر كذلك قرابة الأسبوعين. طلبت منها تبديل رقم هاتفها ففعلت لكي تقطع الاتصال بصديقاتها من الكفار، ولكن مع الأسف اتصلت بإحداهن التي أعطت الأخريات رقم الهاتف. وبعد هذه الأسبوعين أو الأقل حدثت مشكلة صغيرة، وكنت أفكر في حلول الرسول صلى الله عليه وسلم للمشاكل وكيف كان يتعامل مع زوجاته. وقررت أن أترك المرأة لمدة يوم واحد عسى أن تعود عن تصرفاتها وتتخلق بالأخلاق الإسلامية. وعند انطلاقنا من البيت للدوام ذهبت أنا إلى دوام وهي إلى دوامها وكان الأمر اعتياديا، ولكن للأسف اتصلت بي بعد ساعتين لتقول لي اقرأ الإيميل العائد لك أنا لن أعود للمنزل! وإذا بي أقرا الايميل لأجد أنها تقول إنها عادت إلى دين النصرانية، وأنها ما استطاعت أن تنسى أن المسيح ابن الله، وأنها ستسكن مع صديقتها في هذه الفترة، وأنها تعتذر مني وتقول إنها لم تجد مني أي إساءة، بل كنت رجل الأحلام التي تحلم به، وأنها لن تجد خيرا مني في حياتها، وهكذا حاولت مرارا بعدها إعادتها إلى الإسلام من خلال استمالتها وإظهار محبتها وتقبيلها حتى وصل الأمر إلى أني جامعتها مرة واحدة بعد ردتها، ولكنها تبكي وتقول إنها تحبني ولكن لا يمكن أن تعود إلي، وهذه كلها ذنوب ارتكبتها، وعادت إلى النصرانية وقالت لي إنها كذبت علي مرتين، إذ إنها التقت بصديقتها في الكفر التي عادت إليه، وكذلك أنها شاركت في مسرحية في الكنيسة بعد أن أسلمت ولكنها كانت ترتدي الحجاب في المسرحية. كانت توقظني لصلاة الفجر، وكانت لا تقوم إلا بعد أن تكمل الأذكار، وكانت تعطي الدروس للأخوات وتقول إن باب الجنة هو إرضاء الزوج. ولكن هذا الذي حصل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
1- فلا شك أن المسلم حديث العهد بالكفر يحتاج إلى نوع خاص من المعاملة، وإن من الفتنة له أن يعامل معاملة المسلم الأصيل الذي ولد وشب على الإسلام، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه بالأرض. متفق عليه. جاء في شرح النووي على مسلم: وفي هذا الحديث دليل لقواعد من الأحكام منها إذا تعارضت المصالح أو تعارضت مصلحة ومفسدة وتعذر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة بدئ بالأهم لأن النبي صلى الله عليه و سلم أخبر أن نقض الكعبة وردها إلى ما كانت عليه من قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم مصلحة، ولكن تعارضه مفسده أعظم منه وهي خوف فتنة بعض من أسلم قريبا. انتهى. فإن كان قد حدث منك نوع من التشديد عليها فعليك أن تستغفر الله منه.
2- أما ما حدث منك من جماع معها أو استمتاع بها بعد ردتها فهو حرام، ولا شك لأن النكاح يصير موقوفا بمجرد الردة إلى حين انتهاء العدة. قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في الأم : وإذا ارتدا أو أحدهما منعا الوطء، فإن انقضت العدة قبل اجتماع إسلامهما انفسخ النكاح ا.هـ
3- ولا مانع من أن تجتهد في دعوتها واستمالة قلبها طول فترة العدة، ولا حرج عليك من ذلك لأن النكاح لم ينفسخ بعد بل هو موقوف على انتهاء عدتها - على الراجح من أقوال أهل العلم - فإذا انتهت العدة فقد انفسخ النكاح. جاء في كتاب الأم للإمام الشافعي: فإن ارتد الزوج بعد الوطء حيل بينه وبين الزوجة، فإن انقضت عدتها قبل أن يرجع الزوج إلى الإسلام انفسخ النكاح، وإن ارتدت المرأة أو ارتدا جميعا أو أحدهما بعد الآخر فهكذا أنظر أبدا إلى العدة، فإن انقضت قبل أن يصيرا مسلمين فسختها، وإذا أسلما قبل أن تنقضي العدة فهي ثابتة. انتهى.
علما بأن عدة المرأة التي تحيض ثلاثة قروء، والقرء هو الحيض على الراجح من أقوال أهل العلم.
وفي النهاية نذكرك بأمرين:
الأول: أن الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا بضوابط سبق ذكرها في الفتوى رقم: 2007.
الثاني: أنه لا يجوز للرجل أن يفارق زوجته أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها ما لم يكن هذا لحاجة معتبرة، كما بيناه في الفتويين رقم: 10254، 110912.
والله أعلم.