عنوان الفتوى : هل تجب النفقة على الوالدين مع كونهما غير محتاجين
أنا شاب في الثلاثين من العمر، أنفق علي أهلي في تربيتي ودراستي حتى تخرجت من الجامعة والحمد لله. ثم سافرت طلبا للرزق ووفقني الله للعمل وتزوجت من مالي الخاص، وقدمت لأهلي بعض المال لمعونتهم. و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما نفقة الأولاد الموسرين على أبيهم وأمهم الفقيرين فإنها واجبة بإجماع أهل العلم , وراجع في ذلك الفتوى رقم: 115678.
أما إذا كان الوالدان موسرين فإنه لا يجب على ولدهما أن يبذل لهما شيئا من المال إلا ما كان على سبيل الندب والاستحباب تطييبا لخاطرهما خصوصا إذا علم تعلق قلوبهما بشيء من هذا, وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 111110.
والظاهر من سؤالك عدم حاجة والديك بدليل أنهما زوجا إخوتك من مالهما, غاية الأمر أنهما يستغلان ثروتهما في تملك العقارات وهذا لا يخرجهما عن وصف الغنى.
ولكن ينبغي أن تعتذر لهم بغاية من اللطف واللين بأن تخبرهم بحاجتك لهذا المال, ولا حرج عليك في استعمال التورية والمعاريض بحيث تخبرهم أنك لا تملك إلا ما يكفي حاجتك أو دونها.
أما تزويج والدك لك فلم يجب عليه لأنك موسر قادر على تزويج نفسك، وإنما يجب على الوالد أن يزوج ابنه في حال فقر الابن وعدم قدرته على تزويج نفسه عند من يقول بذلك من أهل العلم .
أما تزويجه لإخوتك فينظر فيه، فإن كان إخوتك في ذلك الوقت فقراء لا يقدرون على تزويج أنفسهم فقد وجب ذلك على الأب، فليس لك أن تطالبه بمالك الذي زوجت به نفسك لأنك غني وهم فقراء، والتفضيل المنهي عنه بين الأولاد هو ما كان على وجه التفضيل المحض، أما التفضيل الذي له سبب فإنه غير منهي عنه, كما بيناه في الفتوى رقم: 64550.
أما إن كان والدك أو والدتك أو هما معا قد زوجا إخوتك مع استغناء الإخوة فلك حينئذ أن تطالبهما بمثل ما أعطياهم ليس من باب وجوب تزويجهما لك ولكن من باب العدل بينكم، فإن أجابوك وإلا ففوض أمرك لله ولا يحملك هذا ولا غيره على ترك برهم وطاعتهم في المعروف والإحسان إليهم.
والله أعلم.