عنوان الفتوى : مسائل حول تشريع الرق في نظام الإسلام
أولاً:ْ و الذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. هل يوجد ما ملكت أيمانهم فى هذا الزمان؟ وإن كانت الإجابة بلا، كيف يعقل هذا و القرآن الكريم لا يقف عند زمان معين؟ ثانياً: نرى الآن التجارة المزدهرة بالنساء والأطفال من الدول الفقيرة في آسيا و شرق أوروبا و إفريقيا و أمريكا اللاتينية لصالح الدعارة، في رأيي الشخصي أنه يجب علينا-إن كان هناك ما ملكت أيمانهم في هذا الزمان-أن نعبِّدهم و تلك نعمة تمنها على أن عبَّدت بنى إسرائيل لحمايتهم من المصير المظلم الذي ينتظرهم و بخاصة أن أغلب الشباب المسلم فى هذا الزمان أصبح غير قادر على الزواج لظروف مادية أو أخرى. إذا كان الجواب بلا على ما سبق، فهل يعقل أن نترك هذا الكم الهائل من النساء والأطفال لهذا المصير المظلم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد انتهى الرق في عصرنا هذا، فلم يعد هناك عبيد ولا إماء لأسباب معروفة، وهذا لا يعني إبطال أحكام الرق إذا وجدت أسبابه، كالجهاد بين المسلمين والكفار، فإن نساء الكفار المحاربين سبايا تنطبق عليهن أحكام الرق وملك اليمين، وإن أبطلته قوانين أهل الأرض. وما لم توجد هذه الأسباب الشرعية، فالأصل أن الناس أحرار.
قال ابن قدامة في المغني: الأصل في الآدميين الحرية، فإن الله تعالى خلق آدم وذريته أحراراً، وإنما الرق لعارض، فإذا لم يعلم ذلك العارض، فله حكم الأصل. وقد سبق ذكر ذلك في الفتوى رقم: 8720. والأحكام المتعلقة بملك اليمين باقية ولكن بضوابطها، والأحكام الشرعية باقية أبد الدهر مع تغير الزمان، وقد سبق أيضا بيان ذلك في الفتوى رقم: 3272
وقولنا بسد باب الرق وملك اليمين إلا ما كان منه بالطرق الشرعية ليس معناه أننا نترك هذا الكم الهائل من النساء والأطفال لمصير مظلم، من الوقوع في الرذيلة والاتجار بأعراضهم. فإن هذه المعضلة لا تنتهي بمجرد فتح باب الرق وملك اليمين، وإنما تنتهي إذا عاد للمسلمين دورهم في قيادة العالم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بأن تكون لهم القوة والتمكين في الأرض ، فعندئذ يتحقق العدل في الأرض.
ثم ليعلم السائل أنه من المعلوم بالضرورة أن الحر لا يملك ولا يباع؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة" وذكر منهم صلى الله عليه وسلم: "ورجل باع حرا" رواه البخاري. وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 48339، 15924. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 78433.
والله أعلم.