عنوان الفتوى : تريد الطلاق بعد ما وقعت في حب زميلها وزنى بها
إني امرأة متزوجة وقد وقعت في حب زميلي بالعمل وأنجبت منه في الحرام فهل من الجائز طلب الطلاق من زوجي والارتباط بهذا الرجل؟
خلاصة الفتوى: الزنى من أكبر الكبائر وأقبحها، وهو في حق المتزوجة أعظم جرما وأكبر إثما، وولد المتزوجة يلحق بزوجها ما لم ينف نسبه عنه بلعان، وليس للزاني إلا الإثم والعار، ولا يجوز للسائلة طلب الطلاق من زوجها من أجل الزواج من هذا الزاني أو من غيره بل لا يجوز إلا لضرر محقق من استمرارها مع زوجها، لا ويجوز أيضا الزواج من الزاني إلا بعد التوبة.
فاعلمي أن من أعظم الفواحش وأبشع الجرائم وقوع المرأة المحصنة في جريمة الزنا وخيانتها لزوجها في عرضه وشرفه.
قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً {الإسراء:32} وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة. متفق عليه. واللفظ للبخاري.
وفي صحيح البخاري في حديث منام النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه سمرة بن جندب وفيه أنه صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل وميكائيل قال: فانطلقا فأتينا على مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع، فيه لغط وأصوات، قال فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا أي صاحوا من شدة حره فقلت من هؤلاء يا جبريل قال: هؤلاء الزناة والزواني، يعني من الرجال والنساء، فهذا عذابهم إلى يوم القيامة. نسأل الله العفو والعافية.
وعن عطاء في تفسير قوله الله تعالى عن جهنم: لها سبعة أبواب. قال: أشد تلك الأبواب غما وحرا وكربا وأنتنها ريحا للزناة الذين ارتكبوا الزنا بعد العلم.
وقال سبحانه في وصفه عباد الرحمن: وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ {الفرقان: 68-70} وقال تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ {النور:2}
قال الذهبي: قال العلماء: هذا عذاب الزانية والزاني في الدنيا إذا كانا عزبين غير متزوجين، فإن كانا متزوجين أو قد تزوجا ولو مرة في العمر فإنهما يرجمان بالحجارة إلى أن يموتا كذلك ثبت في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن لم يستوف القصاص منهما في الدنيا وماتا من غير توبة فإنهما يعذبان في النار بسياط من نار. اهـ
فكان الأولى بك أن تسألي عن ذلك، وكيف تتوبين إلى الله من تلك الفاحشة والكبيرة من كبائر الذنوب، وكيف تردين لزوجك حقه بعد هذه الخيانة، فبادري بنفسك قبل أن يفاجئك الأجل المحتوم وأفيقي من غفلتك.
واعلمي أن أول ما يجب في سبيل توبتك هو البعد عن هذا الزاني، بل وترك هذا العمل المختلط كلية فهو حرام بلا شك، راجعي الفتوى رقم:3539 ، والفتوى رقم: 14126.
وأما عن طلب الطلاق من زوجك فلا يحل لك لما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن ثوبان: قال: لعن رسول الله الراشي والمرتشي والرائش، قال: الذي يعمل بينهما، وإن هذا الفيء لا يحل منه خيط ولا مخيط، لا آخذ ولا معطي، وإن المختلعات هن المنافقات، وما من امرأة تسأل زوجها الطلاق من غير بأس فتجد ريح أو قال رائحة الجنة.
وراجعي الفتوى رقم:2930 ، 9966.
ثم تبقى بعد ذلك مشكلة الولد من الزنا فنقول إن الشرع الإسلامي يغلب جانب الاحتياط في باب لحوق النسب بحيث إنه لو وجد احتمال ولو ضعيفا لإلحاق الولد بمن تزوج من أمه أو تسرى بها حيث كانت مملوكة ألحقه به ونسبه إليه، وعليه فإن إقرار المتزوجة على نفسها بإنجاب أولاد من الزنى لا ينفي نسبتهم من أبيهم صاحب الفراش ما لم ينفهم هو بلعان لقوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه.
وأما بالنسبة للزوج فإذا تحقق من زنا هذه المرأة وأن أولادها من زنى فإنه تجب عليه المبادرة بنفيهم باللعان المعروف والمذكور في سورة النور لما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليس من الله في شي. إلى آخره. والحديث وإن كان نصا في المرأة إلا أن الرجل في هذا مثلها لا فرق بينهما، فإنه إذا تحقق من فجور هذه المرأة وأنها ألحقت بنسبه ما ليس منه ولم ينفه عنه فقد ألحق هو بنسبه ما ليس منه، فاستحق بذلك الوعيد الوارد في الحديث مع ما يترتب على عدم نفيه من مزاحمته لأولاده الحقيقيين في حقوقهم. وتراجع الفتوى: رقم:1880، والفتوى رقم: 24204.
والله أعلم.