أرشيف المقالات

هل يَسَعُنا السُّكوت اليوم ؟! - بين الأعلام و مرجئة السلطان - أبو فهر المسلم

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
قال ابن القيّم رحمه الله، في إعلام المُوَقِّعين :
( وأيُّ دينٍ، وأيُّ خيرٍ، فيمَن يَرى مَحارمَ الله تُنتهَك، وحدودَه تُضاع، ودينَه يُترك، وسُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ يُرغَب عنها ؟!
وهو باردُ القلب ، ساكتُ اللسان ، شيطانٌ أخرس ..
كما أن المُتكلم بالباطل؛ شيطانٌ ناطق !
وهل بَلِيَّةُ الدِّين إلا مِن هؤلاء ؟! الذين إذا سَلِمَت لهم مآكلُهم ورياساتُهم؛ فلا مُبالاة بما جَرى على الدِّين !
وخيارُهم ..
المُتحزِّن المُتلمِّظ، ولو نُوزِع في بعضِ ما فيه غَضاضةٌ عليه، في جاهِه أو مالِه؛ بذَل وتبذَّل، وجدَّ واجتهَد، واستعملَ مراتبَ الإنكار الثلاثة، بحَسب وسْعه !
وهؤلاء مع سُقوطهم مِن عَين الله، ومَقت الله لهم؛ قد بُلوا في الدنيا بأعظم بَليَّة تكون، وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب ..
فإن القلبَ كلَّما كانت حياتُه أتمّ؛ كان غضبُه لله ورسوله أقوى، وانتصارُه للدين أكمَل )
.

قلتُ :
وهذا التشنيع على الساكتين؛ حقٌّ وواجب !
إذ إنه ليس كلّ سكوتٍ رخصة ..
ولا كلّ اعتزالٍ حُجّة !
ولا يجوز للعالِم أن يُطيل صمتَه؛ دون بيان أو إنكار، والباطل أمام عينيه، ينتفش ويتفشَّى، ويتعدَّى المسألة والمسألتين، إلى أصول الدين وثوابته، وفروعه ومبادئه، حتى فُرِّغ الدين عن مَضمونه، وأُفرِغ من جوهر مَكنونه، وصارت التُّهم والطُعون؛ تُلصَق به ليل نهار !
كلّ ذلك ..
ناهيك عن خوض مَن لا خلاق لهم؛ في دين المسلمين، والتلاعب بأحكام الله فيهم، والجهر على ملأ بالعقائد الباطلة، والآراء المُحرَّفة، والأقيسة الفاسدة !
كلّ ذلك يصبّ في مصلحة الطواغيت، وتثبيت عروشهم، وتضييع شعائر الإسلام، ونقض عُراه واحدة تلو الأخرى !
أفيجوز والحالةُ هذه ؛ الصمتُ والإعراض واللامبالاة ؟!
أم يتعيّن البيانُ، وإظهار الحقّ ..
ولو في بعضٍ دون كلّ - تنزّلًا - ؟!
فالصمت والسكوت؛ إنما يكون في مشهدٍ أو موقفٍ أو عارِض !
أمّا أن يصير حالةً مُستقرّة، وعادةً مُستحكِمة - خاصة مع تكاثر المحرمات الظاهرة، بل وظهور نواقض الإيمان الصارخة -؛ فهذا ليس من دين المسلمين، ولم يكن هذا حال من سكت من السابقين ..
فإن صمتهم كان عارضًا في مشهد، وليس وصفًا لازمًا !
أما الصمتُ الدائم، والسكوتُ بعامّة؛ فلا هو طريقةٌ للسَّلف ..
ولا هو عُذرٌ للخلَف !
ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين !
 

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣