كرْبَلا، لا زِلْتِ كَرْباً وَبَلا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
كرْبَلا، لا زِلْتِ كَرْباً وَبَلا | ما لقي عندك آل المصطفى |
كَمْ عَلى تُرْبِكِ لمّا صُرّعُوا | من دم سال ومن دمع جرى |
كَمْ حَصَانِ الذّيلِ يَرْوِي دَمعُها | خَدَّهَا عِندَ قَتيلٍ بالظّمَا |
تمسح الترب على اعجالها | عَنْ طُلَى نَحْرٍ رَمِيلٍ بالدّمَا |
وضيوف لفلاة قفرة | نزلوا فيها على غير قرى |
لم يذوقوا المآء حتى اجتمعوا | بحدى السيف على ورد الردى |
تكسف الشمس شموساً منهم | لا تداينها ضياءًوعلا |
وتنوش الوحش من اجسادهم | أرْجُلَ السّبْقِ وَأيْمَانَ النّدَى |
وَوُجُوهاً كَالمَصابيحِ، فَمِنْ | قَمَرٍ غابَ، وَنَجْمٍ قَدْ هَوَى |
غَيّرَتْهُنّ اللّيَالي، وَغَدَا | جاير الحكم عليهن البلا |
يا رسول الله لو عاينتهم | وهم ما بين قتلى وسبا |
من رميض يمنع الظل ومن | عاطش يسقى انابيب القنا |
ومسوق عاثر يسعى به | خلف محمول على غير وطا |
متعب يشكو اذى السير على | نَقبِ المَنسِمِ، مَجزُولِ المَطَا |
لَرَأتْ عَيْنَاكَ مِنهُمْ مَنْظَراً | للحَشَى شَجْواً، وَللعَينِ قَذَى |
ليس هذا لرسول الله يا | امة الطغيان والبغي جزا |
غارِسٌ لمْ يَألُ في الغَرْسِ لهُمْ | فَأذاقُوا أهْلَهُ مُرّ الجَنَى |
جزروا جزر الاضاحي نسله | ثُمّ سَاقُوا أهلَهُ سَوْقَ الإمَا |
معجلات لا يوارين ضحى | سنن الوجه أو بيض الطلى |
هاتفات برسول الله في | بُهَرِ السّعْيِ، وَعَثرَاتِ الخُطَى |
يَوْمَ لا كِسْرَ حِجَابٍ مَانِعٌ | بذلة العين ولا ظل خبا |
أدْرَكَ الكُفْرُ بِهِمْ ثَارَاتِهِ | وَأُزِيلَ الغَيّ مِنْهُمْ فاشتَفَى |
يا قَتيلاً قَوّضَ الدّهْرُ بِهِ | عُمُدَ الدّينِ وَأعْلامَ الهُدَى |
قتلوه بعد علم منهم | انه خامس اصحاب الكسا |
وصريعا عالج الموت بلا | شد لحيين ولا مد ردى |
غَسَلُوهُ بِدَمِ الطّعْنِ، وَمَا | كَفّنُوهُ غَيرَ بَوْغَاءِ الثّرَى |
مرهقا يدعو ولا غوث له | بِأبٍ بَرٍّ وَجَدٍّ مُصْطَفَى |
وَبِأُمٍّ رَفَعَ اللَّهُ لهَا | علما ما بين نسوان الورى |
أيُّ جَدٍّ وَأبٍ يَدْعُوهُمَا | جَدّ، يا جَدّ، أغِثْني يا أبا |
يا رسول الله يا فاطمة | يا أمِيرَ المُؤمِنِينَ المُرْتَضَى |
كيف لم يستعجل الله لهم | بانقلاب الارض أو رجم السما |
لو بسبطي قيصر أو هرقل | فَعَلُوا فِعْلَ يَزِيدٍ، مَا عَدَا |
كم رقاب من بني فاطمة | عُرِقتْ ما بينَهمْ، عَرْقَ المِدَى |
وَاختَلاها السّيفُ حَتّى خِلْتَها | سلم الابرق أو طلح العرا |
حَمَلُوا رَأساً يُصَلّونَ عَلى | جده الاكرم طوعا وابا |
يتهادى بينهم لم ينقضوا | عمم الهام ولا حلو الحبى |
مَيّتٌ تَبْكي لَهُ فَاطِمَة ٌ | وابوها وعلى ذو العلى |
لَوْ رَسُولُ اللَّهِ يَحْيَا بَعْدَهُ | قعد اليوم عليه للعزا |
معشر منهم رسول الله والـــ | كاشف الكرب اذا الكرب عرا |
صِهْرُهُ البَاذِلُ عَنْهُ نَفْسَهُ | وحسام الله في يوم الوغى |
أوّلُ النّاسِ إلى الدّاعي الّذِي | لم يقدم غيره لما دعا |
ثُمّ سِبْطَاهُ الشّهِيدانِ، فَذا | بحسا السم وهذا بالظبى |
وَعَليّ، وَابنُهُ البَاقِرُ، وَالصّـ | ـادِقُ القَوْلِ، وَموسَى ، وَالرّضَا |
وَعَليّ، وَأبُوهُ وَابْنُهُ | وَالذِي يَنْتَظِرُ القَوْمُ غَدَا |
يا جبال المجد عزا وعلى | وبدور الارض نورا وسنا |
جعل الله الذي نابكم | سبب الوجد طويلا والبكا |
لا أرَى حُزْنَكُمُ يُنسَى ، وَلا | رُزْءَكم يُسلى ، وَإنْ طالَ المَدَى |
قد مضى الدهر وعفى بعدكم | لا الجَوَى باخَ، وَلا الدّمعُ رَقَا |
انتم الشافون من دآ العمى | وَغداً ساقُونَ مِنْ حوْضِ الرّوَا |
نزل الدين عليكم بيتكم | وتخطى الناس طرا وطوى |
اين عنكم للذي يبغى بكم | ظل عدن دونها حر لظى |
اين عنكم لمضل طالب | وضح السبل واقمار الدجى |
اين عنكم للذي يرجو بكم | مَعْ رَسُولِ اللَّهِ فَوْزاً وَنَجَا |
يوم يغدو وجهه عن معشر | مُعرِضاً مُمْتَنِعاً عِندَ اللّقَا |
شاكيا منهم الى الله وهل | يُفلِحُ الجِيلُ الّذي مِنْهُ شَكَا |
رَبّ! ما حامَوْا، وَلا آوَوْا، وَلا | نَصَرُوا أهْلي، وَلا أغْنَوْا غَنَا |
بَدّلُوا دِيني، ونَالُوا أُسرَتي | بالعَظيماتِ، وَلمْ يَرْعَوْا أَلَى |
قَائِمُ الشّرْكِ لأبْقَى وَرَعَى | |
نَقَضُوا عَهدي، وَقَدْ أبرَمْتُهُ | وَعُرَى الدّينِ، فَما أبقَوْا عُرَى |
حرمي مستردفات وبنو | بِنْتِيَ الأدْنَوْنَ ذِبْحٌ للعِدَى |
اترى لست لديهم كامرئٍ | خلفوه بجميل اذ مضى |
رَبّ! إنّي اليَوْمَ خَصْمٌ لَهُمُ | جئت مظلوما وذا يوم القضا |