أرى شجراً في السماء احتجبْ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أرى شجراً في السماء احتجبْ | وشقّ العَنانَ بمَرْأَى عَجبْ |
مآذنُ قامت هنا أو هناكَ | ظواهرها درجٌ من شذب |
وليس يؤذِّنُ فيها الرجالُ | ولكن تصبح عليها الغرب |
وباسقة ٍ من بناتِ الرمالِ | نَمتْ ورَبتْ في ظلالِ الكُثُب |
كسارية ِ الفُلْكِ، أَو كالمِسـ | ـلَّة ِ، أَو كالفَنارِ وراءَ العَبَب |
تطولُ وتقصرُ خلفَ الكثيبِ | إذا الريحُ جاءَ به أَو ذهب |
تُخالُ إذا اتَّقدَتْ في الضُّحَى | وجرَّ الأصيلُ عليها اللهب |
وطافَ عليها شعاع النهارِ | من الصحوِ، أو منْ حواشي السحب |
وصيفة َ فرعونَ في ساحة ٍ | من القصر واقفة ً ترتقب |
قد اعتصبتْ بفصوص العقيقِ | مُفصَّلة ً بِشُذورِ الذهب |
وناطتْ قلائدَ مَرْجانِها | على الصدر، واتَّشَحَتْ بالقَصَب |
وشَدَّتْ على ساقِها مِئْزَراً | تعقَّدَ من رأسها للذنب |
أهذا هو النخلُ ملكُ الرياضِ | أَميرُ الحقولِ، عروسُ العزب؟ |
طعامُ الفقيرِ، وحَلوَى الغَنيِّ | وزادُ المسافِر والمُغْتَرِب؟ |
فيا نخلة َ الرملِ، لم تبخلي | ولا قصَّرتْ نخلاتُ الترب |
وأعجبُ: كيف طوى ذكركنَّ | ولم يحتفلْ شعراءُ العرب؟! |
أليس حراماً خلوُّ القصا | ئدِ من وصفكنّ، وعطلُ الكتب؟ |
وأنتنّ في الهاجراتِ الظِّلالُ | كأَنّ أَعالِيَكُنَّ العَبَب |
وأنتنّ في البيد شاة ُ المعيلِ | جناها بجانبِ أخرى حلبَ |
وأنتنّ في عرصاتِ القصورِ | حسانُ الدُّمى الزائناتُ الرّحب |
جناكنّ كالكرمِ شتى المذاقِ | وكالشَّهدِ في كل لون يُحَبّ |