أرشيف المقالات

ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} :
لو أنزل الله تعالى الكتاب بلسان أعجمي غير لسان العرب لتعجب المشركون من نطق محمد بغير لسانه وهو لم يتعلم غير لغتهم , ولكنه سبحانه أنزله كتاباً عربياً مبينا واضحاً على رسول عربي فصيح وأنزل فيه من الآيات والعلوم ما لا يستطيع إحصاءه ولا صياغته البشر .
وفي اتباع منهج القرآن شفاء لأهل الإيمان وضمان لسلامتهم في الدنيا وفوزهم في الآخرة, أما الكافرون به فقد اختاروا العناد وابتعدوا فباعد الله بينهم وبين كلماته وباعد بينهم وبين تطبيق شريعته والعمل بها فضلاً عن الإيمان بها , وذلك بما اقترفت أيديهم من الاستكبار والعناد والتكاسل والإعراض عن أمر الله وكلماته .
قال تعالى: {
{ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} }
[فصلت 44]
قال السعدي في تفسيره:
يخبر تعالى عن فضله وكرمه، حيث أنزل كتابا عربيًا، على الرسول العربي، بلسان قومه، ليبين لهم، وهذا مما يوجب لهم زيادة الاغتناء به، والتلقي له والتسليم، وأنه لو جعله قرآنا أعجميًا، بلغة غير العرب، لاعترض، المكذبون وقالوا: { {لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} } أي: هلا بينت آياته، ووضحت وفسرت.
{ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ } أي: كيف يكون محمد عربيًا، والكتاب أعجمي؟ هذا لا يكون فنفى الله تعالى كل أمر، يكون فيه شبهة لأهل الباطل، عن كتابه، ووصفه بكل وصف، يوجب لهم الانقياد، ولكن المؤمنون الموفقون، انتفعوا به، وارتفعوا، وغيرهم بالعكس من أحوالهم.
ولهذا قال: { {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} } أي: يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم، ويعلمهم من العلوم النافعة، ما به تحصل الهداية التامة وشفاء لهم من الأسقام البدنية، والأسقام القلبية، لأنه يزجر عن مساوئ الأخلاق وأقبح الأعمال، ويحث على التوبة النصوح، التي تغسل الذنوب وتشفي القلب .
{ {وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} } بالقرآن { {فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ } } أي: صمم عن استماعه وإعراض، { {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} } أي: لا يبصرون به رشدًا، ولا يهتدون به، ولا يزيدهم إلا ضلالاً فإنهم إذا ردوا الحق، ازدادوا عمى إلى عماهم، وغيًّا إلى غيَّهم.
{ {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } } أي: ينادون إلى الإيمان، ويدعون إليه، فلا يستجيبون، بمنزلة الذي ينادي، وهو في مكان بعيد، لا يسمع داعيًا ولا يجيب مناديًا.
والمقصود: أن الذين لا يؤمنون بالقرآن، لا ينتفعون بهداه، ولا يبصرون بنوره، ولا يستفيدون منه خيرًا، لأنهم سدوا على أنفسهم أبواب الهدى، بإعراضهم وكفرهم.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢