أرشيف الشعر العربي

أُداري العيونَ الفاتراتِ السَّواجيا

أُداري العيونَ الفاتراتِ السَّواجيا

مدة قراءة القصيدة : 6 دقائق .
أُداري العيونَ الفاتراتِ السَّواجيا وأَشكو إليها كَيْدَ إنسانِها لِيا
قتلنَ ومنين القتيلَ بألسُن من السحر يبدلنَ المنايا أمانيا
صرحٌ على الوادي المباركِ ضاحي متظاهرُ الأعلامِ والأوضاحِ
السحرُ من سُود العيونِ لقيُتهُ والبابليُّ بلحظهنّ سُقِتُهُ
وكلَّمْنَ بالأَلحاظِ مَرْضَى كَليلة ً فكانت صحاحاً في القلوب مواضيا
ضافي الجلالة كالعَتيق مُفَضّل ساحات فضل في رِحابِ سَماحِ
عدا فاستبدّ بعقل الصبيّ
وكأن رفرفه رواقٌ من ضحى ً وكأن حائطه عمودُ صباحِ

الناعساتِ الموقظاتي للهوى

حببتك ذاتَ الخالِ ، والحبُّ حالة ٌ إذا عرضت للمرءِ لم يدر ما هيا
الحقُّ خَلفَ جناحٍ استذرى به ومَرَاشِدُ السلطانِ خلفَ جَناح
وإنك دنيا القلب مهما غدرته أَتى لكِ مملوءاً من الوجْد وافيا

القاتلاتِ بعابثٍ في جفنه

صدودك فيه ليس يألوه جارحاً ولفظُكِ لا ينفَكُّ للجرح آسِيا
ياسلاح العصر بُشِّرنا به كلُّ عصر بِكَمِيٍّ وسلاح
ة َ؟ لقد لعبوا وهْيَ لم تَلْعَب تجرِّبُ فيهم وما يعلمو
هو هيكلُ الحريّة ِ القاني، له ما للهياكلِ من فِدًى وأَضاح
وكأَن أَحلامَ الكعاب بيوتُه تحتَ النبالِ وصَوْبِها السَّحّاح
وبين الهوى والعذلِ للقلب موقفٌ كخالك بينَ السيفِ وانار ثاويا
وأغنَّ أكحلَ من مَها بكفيّة علقت محاجرُه دمي وعلقته
وبين المنى واليأس للصبر هزة ٌ كخصركِ بين النهدِ والردفِ واهيا
يَنهارُ الاستبدادُ حولَ عراصِه مثلَ انهيارِ الشِّركِ حولَ صَلاح
هو غرَّة ُ الأَيامِ فيه، وكلكم مُتَحَطِّمَ الأَصنامِ والأَشباح
وعرّض بي قومي، يقولونَ: قد غوى عدِمتُ عذولي فيكِ إن كنتُ غاويا
يَرومونَ سُلواناً لقلبي يُريحُهُ ومن لِيَ بالسُّلْوانِ أَشريه غاليا؟
هو ما بَنَى الأعزال بالرَّاحات ، أو هو ما بنى الشهداءُ بالأرواحُ
السلسبيلُ من الجداول وردُه والآسُ من خضْرِ الخمائل قوتُه
أخذته مصر بكل يومٍ قاتمٍ وَرْدِ الكواكب أَحمرِ الإصباح
وما العشق إلا لذة ٌ ثم شقوة ٌ كما شقيَ المحمور بالسكر صاحيا
هبَّتْ سِماحاً بالحياة شبابها والشيبُ بالأَرْمَاق غَيْرُ شحاح
ومشتْ إلى الخيل الدوَارع وانبرت للظَّافر الشاكي بغير سلاحِ
فازور غضباناً وأعرض نافراً حالٌ من الغيدِ الملاحِ عرفتُه
وَقَفاتُ حقٍّ لم تقفْها أُمّة ٌ إلا انْثنتْ آمالُها بنجاح
هَزَّ الربيعِ مَنَاكِبَ الأَدواح جعلوا المآتمَ حائطَ الأَفراحِ
وأَبهى من الورد تحت الندى

بشرى إلى الوادي تهزُّ نَباته

تسري ملمَّحة الحجول على الرُّبى وتسيل غُرَّتُها بكل بِطاح
قالت ترى نجمَ البيان بل وتعرضُهم مَوكِباً موكِباً
التامتِ الأحزابُ بعدَ تَصَدُّع لَبَّى أَذانَ الصُّلحِ أَوّلَ قائمٍ
حفظاً ولا طلبُ الجديد يفوته وَمَشَى على الضّغْن الودادُ الماحي
وَجَرَتْ أحاديثُ العتابِ كأنها سَمَرٌ على الأوتارِ والأقداح
إِنَّ هذا الفَتحَ لا عهدَ به لضِفاف النيلِ من عهد فتاح
جميلٌ عليهم قشيبُ الثيا سِ تَلَقَّى الحياة َ فلم يُنجِب
ترمي بِطرفِك في الجامِع لا ترى غيرَ التعانُقِ واشتباكِ الراح

شمسَ النهارِ ، تعلَّمي الميزانَ من

ميلي انظُريه في النَّدِيِّ كأنّه عثمانُ عن أُمِّ الكتابِ يُلاحي
كم تاجِ تضحية ٍ وتاج كرامة ٍ للعين حولَ جبينه اللماح
حقائبُ فيها الغدُ المُختَبي
والشيب منبثقٌ كنور الحقِّ من فوديه ، أو فجرِ الهدى المِنصاحِ
والصلحُ خُمس قواعِد لإصلاح
مَلكُ الهضابِ الشمِّ سلطانُ الرُّبى هامُ السحاب عروشه وتُخوته
سبقَ الرجَالَ مُصافِحاً ومُعانِقاً يمنى السّماح وهيكَلَ الإسجاح
عدلى الجليل ابن الجليل من الملا والماجد ابن الماجد المِسماح
والأبلقُ الفردُ انتهت أوصافُه في السُّؤدد العالي له ونُعوته
حلوُ السجيَّة في قناة ٍ مُرَّة ٍ فمشى إليّ وليس أَوّل جؤذَرٍ
إذا رفَّ في فرعه الأَهْدب أَهابت هِراوتُه بالرِّفا

نِ وما علِموا خَطَرَ المَرْكَب

شَتَّى فضائلَ في الرجال، كأَنها شَتَّى سلاحٍ من قناً وصِفاح
فإذا هيَ اجتمعت لِمُلك جَبْهَة ً كانت حصونَ مَناعة ٍ ونِطاح
الله أَلَّف للبلاد صدورَها من كل داهية ٍ وكل صُراح
وكأن أيامَ الشباب ربوعُه وكأن احلامَ الكعاب بيوتُه
وتكاد الطيرُ من خفَّته تتعالى فيه من غير جَناح
وزراءُ مملكة ٍ، دَعائِمُ دولَة ٍ أعلامُ مُؤتَمَرٍ ، أسودُ صَباحِ
يَبنون بالدستورِ حائطَ مُلْكِهم لا بالصِّفاحِ ولا على الأَرْماحِ
وجَوَاهرُ التيجانِ ما لم تُتَّخَذْ من مَعدِنِ الدستورِ غيرُ صِحاح
احتل حِصْنَ الحقّ غيرُ جنودِهِ وتكالبت أَيْدٍ على المفتاحِ
هناك، وفي جُنْدِها الأَغلب لبنانُ في ناديكمو عظمتُه
قد زاني إقبالكم وقبولُكم شرفاً على الشرف الذي أوليته
القاتلاتِ بعابثٍ في جَفنه واسْتوْحَشَتْ لِكُماتِها النُّزّاحِ
هُجرَت أرائكُهُ ، وعُطِّلَ عودُه وخلا من الغادين والرُّوّاحِ
تاجُ النيابة في رفيع رءُوسكم تؤلِّفهُم في ظِلال الرخا
لُبنانُ دارَتُه وفيه كِناسُه كالغارِ من شرفٍ وسمتِ صلاح
قلْ للبنين مقالَ صدقٍ، واقْتَصِدْ ذَرْعُ الشباب يضيق بالنَّصّاحِ

حنن أفلحنا على الأرض بكم

أنتم بنو اليوم العصيب، نشأتمو في قَصْفِ أَنواءٍ، وعَصْف رياحِ
وشهدتمُ صَدْعَ الصفوفِ وما جَنَى من أَمْر مُفْتاتٍ ونَهْي وَقاحِ
صوتُ الشعوب من الزئير مُجمَّعاً فإذا تفَرَّقَ كان بعضَ نُباحِ
أَظْمَتْكُمُ الأَيامُ، ثم سقتكمُ رنقاً من الإحسانِ غيرَ قراحِ
وإذا مُنِحْتَ الخيرَ من مُتَكَلِّفٍ ظَهَرَتْ عليه سجيَّة ُ المناحِ
تركتمو مثلَ المَهيضِ جناحُه لا في الحبال ، ولا طليق سَراحِ
مَنْ صَيَّرَ الأَغلالَ زَهْرَ قَلائدٍ وكسا القيودَ محاسنَ الأَوضاح؟
إن التي تبغون، دون منالِها طولُ اجتهادٍ ، واضطرادُ كِفاحِ
سروا إليها بالأناة طويلة إن الأَناة َ سبيلُ كلِّ فلاح
وخذوا بناءَ المُلكِ عن دستوركم إن الشِّراعَ مُثَقِّفُ الملاَّح
يا دارَ محمودٍ، سَلِمتِ، وبورِكت أَركانُكِ الهرميَّة ُ الصُّفَّاح
وازددت من حسنِ الثناءِ وطيبه حجراً هو الدُّرِّيُّ في الأَمداح
الأُمة ُ انتقلتْ إليك ، كأنمَا أنزلتِها من بيتها بنجاح
بركاتُ شيخٍ بالصعيد مُحمَّل عِبْءَ السنينَ مُؤمَّلٍ نفّاح
بالأمس جادَ على القضية ِ بابنه واليومَ آواها بأَكْرَم ساح

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (أحمد شوقي) .


المرئيات-١