بِأَبي وَروحي الناعِماتِ الغيدا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
بِأَبي وَروحي الناعِماتِ الغيدا | الباسِماتِ عَنِ اليَتيمِ نَضيدَا |
الرانِياتِ بِكُلِّ أَحوَرَ فاتِرٍ | يَذُرُ الخَلِيَّ مِنَ القُلوبِ عَميدا |
الراوِياتِ مِنَ السُلافِ مَحاجِرًا | الناهِلاتِ سَوالِفًا وَخُدودا |
اللاعِباتِ عَلى النَسيمِ غَدائِرًا | الراتِعاتِ مَعَ النَسيمِ قُدودا |
أَقبَلنَ في ذَهَبِ الأَصيلِ وَوَشيِهِ | مِلءَ الغَلائِلِ لُؤلُؤًا وَفَريدا |
يَحدِجنَ بِالحَدقِ الحَواسِدِ دُميَةً | كَظِباءِ وَجرَةَ مُقلَتَينِ وَجيدا |
حَوَتِ الجَمالَ فَلَو ذَهَبتَ تَزيدُها | في الوَهمِ حُسنًا ما استَطَعتَ مَزيدا |
لَو مَرَّ بِالوِلدانِ طَيفُ جَمالِها | في الخُلدِ خَرّوا رُكَّعًا وَسُجودا |
أَشهى مِنَ العودِ المُرَنَّمِ مَنطِقًا | وَأَلَذُّ مِن أَوتارِهِ تَغريدا |
لَو كُنتَ مُطلِقَ السُجَناءِ لَم | تُطلِق لِساحِرِ طَرفِها مَصفودا |
ما قَصَّرَ الرُؤَساءُ عَنهُ سَعى لَهُ | سَعدٌ فَكانَ مُوَفَّقًا وَرَشيدا |
يا مِصرُ أَشبالُ العَرينِ تَرَعرَعَت | وَمَشَت إِلَيكِ مِنَ السُجونِ أُسودا |
قاضى السِياسَةِ نالَهُمْ بِعِقابِهِ | خَشِنَ الحُكومَةِ في الشَبابِ عَتيدا |
أَتَتِ الحَوادِثُ دون عَقدِ قَضائِهِ | فَانهارَ بَيِّنَةً وَدُكَّ شَهيدا |
تَقضي السِياسَةُ غَيرَ مالِكَةٍ لِما | حَكَمَت بِهِ نَقضًا وَلا تَوكيدا |
قالوا أَتَنظُمُ لِلشَبابِ تَحِيَّةً | تَبقى عَلى جيدِ الزَمانِ قَصيدا |
قُلتُ الشَبابُ أَتَمُّ عِقدَ مَآثِرٍ | مِن أَن أَزيدَهُمُ الثَناءَ عُقودا |
قَبِلَت جُهودَهُمُ البِلادُ وَقَبَّلَت | تاجًا عَلى هاماتِهِمْ مَعقودا |
خَرَجوا فَما مَدّوا حَناجِرَهُمْ وَلا | مَنّوا عَلى أَوطانِهِمْ مَجهودا |
خَفِيَ الأَساسُ عَنِ العُيونِ تَواضُعًا | مِن بَعدِ ما رَفَعَ البِناءَ مَشيدا |
ما كانَ أَفطَنَهُمْ لِكُلُّ خَديعَةٍ | وَلِكُلِّ شَرٍّ بِالبِلادِ أُريدا |
لَمّا بَنى اللَهُ القَضِيَّةَ مِنهُمُ | قامَت عَلى الحَقِّ المُبينِ عَمودا |
جادوا بِأَيّامِ الشَبابِ وَأَوشَكوا | يَتَجاوَزونَ إِلى الحَياةِ الجودا |
طَلَبوا الجَلاءَ عَلى الجِهادِ مَثوبَةً | لَم يَطلُبوا أَجرَ الجِهادِ زَهيدا |
وَاللَهِ ما دونَ الجَلاءِ وَيَومِهِ | يَومٌ تُسَمّيهِ الكِنانَةُ عيدا |
وَجَدَ السَجينُ يَدًا تُحَطِّمُ قَيدَهُ | مَن ذا يُحَطِّمُ لِلبِلادِ قُيودا |
رَبِحَت مِنَ التَصريحِ أَنَّ قُيودَها | قَد صِرنَ مِن ذَهَبٍ وَكُنَّ حَديدا |
أَوَ ما تَرونَ عَلى المَنابِعِ عُدَّةً | لا تَنجَلي وَعَلى الضِفافِ عَديدا |
يا فِتيَةَ النيلِ السَعيدِ خُذوا المَدى | وَاستَأنِفوا نَفَسَ الجِهادِ مَديدا |
وَتَنَكَّبوا العُدوانَ وَاجتَنِبوا الأَذى | وَقِفوا بِمِصرَ المَوقِفَ المَحمودا |
الأَرضُ أَليَقُ مَنزِلًا بِجَماعَةٍ | يَبغونَ أَسبابَ السَماءِ قُعودا |
أَنتُم غَدًا أَهلُ الأُمورِ وَإِنَّما | كُنّا عَلَيكُم في الأُمورِ وُفودا |
فَابنوا عَلى أُسُسِ الزَمانِ وَروحِهِ | رُكنَ الحَضارَةِ باذِخًا وَشَديدا |
الهَدمُ أَجمَلُ مِن بِنايَةِ مُصلِحٍ | يَبني عَلى الأُسُسِ العِتاقِ جَديدا |
وَجهُ الكِنانَةِ لَيسَ يُغضِبُ رَبَّكُمْ | أَن تَجعَلوهُ كَوَجهِهِ مَعبودا |
وَلّوا إِلَيهِ في الدُروسِ وُجوهَكُمْ | وَإِذا فَرَغتُمُ وَاعبُدوهُ هُجودا |
إِنَّ الَّذي قَسَمَ البِلادَ حَباكُمُ | بَلَدًا كَأَوطانِ النُجومِ مَجيدا |
قَد كانَ وَالدُنيا لُحودٌ كُلُّها | لِلعَبقَرِيَّةِ وَالفُنونِ مُهودا |
مَجدُ الأُمورِ زَوالُهُ في زَلَّةٍ | لا تَرجُ لِاسمِكَ بِالأُمورِ خُلودا |
الفَردُ بِالشورى وَبِاسمِ نَدِيِّها | لُفِظَ الخَليفَةُ في الظَلامِ شَريدا |
خَلَعَتهُ دونَ المُسلِمينَ عِصابَةٌ | لَم يَجعَلوا لِلمُسلِمينَ وُجودا |
يَقضونَ ذَلِكَ عَن سَوادٍ غافِلٍ | خُلِقَ السَوادُ مُضَلَّلًا وَمَسودا |
جَعَلوا مَشيئَتَهُ الغَبِيَّةَ سُلَّمًا | نَحوَ الأُمورِ لِمَن أَرادَ صُعودا |
إِنّي نَظَرتُ إِلى الشُعوبِ فَلَم أَجِد | كَالجَهلِ داءً لِلشُعوبِ مُبيدا |
الجَهلُ لا يَلِدُ الحَياةَ مَواتُهُ | إِلّا كَما تَلِدُ الرِمامُ الدودا |
لَم يَخلُ مِن صُوَرِ الحَياةِ وَإِنَّما | أَخطاهُ عُنصُرُها فَماتَ وَليدا |
وَإِذا سَبى الفَردُ المُسَلَّطُ مَجلِسًا | أَلفَيتَ أَحرارَ الرِجالِ عَبيدا |
وَرَأَيتَ في صَدرِ النَدِيِّ مُنَوَّمًا | في عُصبَةٍ يَتَحَرَّكونَ رُقودا |
الحَقُّ سَهمٌ لا تَرِشهُ بِباطِلٍ | ما كانَ سَهمُ المُبطِلينَ سَديدا |
وَالعَب بِغَيرِ سِلاحِهِ فَلَرُبَّما | قَتَلَ الرِجالَ سِلاحُهُ مَردودا |