خفضتُ لعزة ِ الموتِ اليراعا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
خفضتُ لعزة ِ الموتِ اليراعا | وجَدَّ جلالُ مَنْطِقِهِ، فراعا |
كفَى بالموتِ للنُّذُرِ ارتجالاً | وللعَبَراتِ والعِبَرِ اختراعا |
حكيمٌ صامتٌ فضَح الليالي | ومَزَّق عن خَنا الدنيا القِناعا |
إذا حضر النفوسَ فلا نعيماً | ترى حولَ الحياة ِ ولا مَتاعا |
كشفتُ به الحياة َ فلم أَجِدْها | ولمحة َ مائها إلا خداعا |
وما الجرّاحُ بالآسي المرجَّى | إذا لم يقتل الجثثَ اطِّلاعا |
فإن تَقُل الرِّثاءَ فقُلْ دموعاً | يُصاغ بهنّ، أَو حِكَماً تُراعَى |
ولا نكُ مثلَ نادبة ِ المسجَّى | بَكت كَسْباً، ولم تَبْكِ الْتِياعا |
خلتْ دولُ الزمانِ وزلنَ ركناً | وركنُ الأرض باق ، ما تداعى |
كأنّ الأرضَ لم تشهدْ لقاءً | تكاد له تميدُ ، ولا وداعا |
ولو آبتْ ثواكلُ كلِّ قَرْنٍ | وجَدْنَ الشمسَ لم تَثْكَل شُعاعا |
ولكن تضرب الأمثالُ رشداً | ومنهاجاً لمن شاءَ اتِّباعا |
ورُبّ حديثِ خيرٍ هاجَ خيراً | وذكرِ شجاعة ٍ بعث الشُّجاعا |
معارفُ مصرَ كان لهنَّ ركنٌ | فذُقْنَ اليومَ للركنِ انصِداعا |
مضى أَعْلى الرجالِ لها يميناً | وأرحبهم بحلَّتها ذراعا |
وأكثرهم لها وقفاتِ صدقٍ | إباءً في الحوادث أَو زَماعا |
أتتهُ فنالها نفلاً وفيئاً | تنقل يافعاً فيها وكهلاً |
ومن أسبابها بلغَ اليفاعا | |
فتى عجمتْه أحداثُ الليالي | فلا ذلاً رأين ، ولا اختضاعا |
سَجَنَّ مُهنَّداً، ونَفَيْن تِبْراً | وزِدْنَ المسك من ضغْطٍ فضاعا |
شديدٌ صُلَّبٌ في الحق حتى | يقولَ الحقُّ : ليناً وائِّداعا |
ومدرسة ٍ سمتْ بالعلم ركناً | وأنهضتِ القضاءَ والاشتراعا |
بناها محساً بالعلم برًّا | يشيد له المعالمَ والرباعا |
وحاربَ دونها صرْعَى قديمٍ | كأَنّ بهم عن الزمنِ انقطاعا |
إذا لمحَ الجديدُ لهم تَوَلَّوْا | كذي رَمَدٍ على الضوءِ امتناعا |
أخا سيشيلَ ، لا تذكرْ يحاراً | بَعدنَ على المزار ولا بقاعا |
وربِّك ما وراءَ نَواكَ بُعدٌ | وأنتَ بظاهر الفسطاطِ قاعا |
نزلتَ بعالمٍ خرق القضايا | وأصبح فيه نظمُ الدهرِ ضاعا |
فخلِّ الأربعين لحافليها | وقُمْ تَجِد القرونَ مرَرْنَ ساعا |
مرضتَ فما ألحّ الداءُ إلاَّ | على نفسٍ تعِّودت الصِّراعا |
ولم يكُ غيرَ حادثة ٍ أصابت | مُفلِّلَ كلّ حادثة ٍ قِراعا |
ومَنْ يتجرَّع الآلامَ حياً | تَسُغْ عند المماتِ له اجتراعا |
أرقتَ ، وكيف يعطى الغمض جفنٌ | تَسُلُّ وراءَه القلبَ الرُّواعا |
ولم يَهدَأْ وسادُك في الليالي | لعلمك أنْ ستفنيها اضطجاعا |
عَجِبْتُ لشارحٍ سببَ المنايا | يسمِّى الداءَ والعللَ الوجاعا |
ولم تكن الحتوفُ محلَّ شكٍّ | ولا الآجالُ تحتملُ النزاعا |
ولكنْ صيَّدٌ ولها بزاة ٌ | ترى السّرطان منها والصُّداعا |
أَرَى التعليم لمّا زلت عنه | ضعيف الركنِ ، مخذولاً ، مضاعا |
غريقٌ حاولت يَدُه شِراعاً | فلمّا أوشكتْ فقد الشراعا |
سَراة ُ القومِ مُنصرفون عنه | |
لقد نسَّاه يومك ناصباتٍ | من السّنوات قاساها تباعا |
قُم ابنِ الأُمَّهاتِ على أَساسٍ | ولا تبيِ الحصونَ ولا القلاعا |
فهنَّ يلدن للقصبِ المذاكي | وهنَّ يلدن للغابِ السِّباعا |
وَجدْتُ مَعانيَ الأَخلاق شتَّى | جمعهن فكنَّ في اللفظ الرّضاعا |
عَزاءَ الصابرين أَبا بهِيٍّ | ومثلُك مَنْ أَناب ومَنْ أَطاعا |
صبرتَ على الحوادث حين جلَّتْ | وحينَ الصبرُ لم يكُ مستطاعا |
وإن النفسَ تهدأُ بعدَ حينٍ | إذا لم تلقَ بالجزع انتفاعا |
إذا اختلف الزمانُ على حزينٍ | مضى بالدمع ، ثم محا الدِّماعا |
قُصارَى الفَرْقَدَيْنِ إلى قضاءٍ | إذا عثرا به کنفصَما اجتماعا |
ولم تَحْوِ الكِنانة آلَ سعدٍ | أشدَّ على العدا منكم نباعا |
ولم تحمِل كشيخكمُ المُفدَّى | نهوضاَ بالأمانة ِ واضطلاعا |
غداً فَصْلُ الخِطابِ، فمَنْ بَشيرِي | بأنّ الحقَّ قد غلب الطّماعا ؟ |
سَلُوا أَهلَ الكِنانة ِ: هل تداعَوْا؟ | فإن الخصمَ بعدَ غدٍ تداعى |
وما سعدٌ بمتَّجرٍ إذا ما | تعرَّضت الحقوقُ شَرَى وباعا |
ولكنْ تحتمِي الآمالُ فيه | وتدَّرِعُ الحقوقُ به ادِّراعا |
إذا نظرَتْ قلوبُكُمُ إليه | علا للحادثات وطال باعا |