أرشيف المقالات

يوم تبلى السرائر - سهام علي

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
قال صلى الله عليه وسلم : «إنَّ اللَّهَ لا ينظرُ إلى صُوَرِكم وأموالِكم ولَكن إنَّما ينظُرُ إلى أعمالِكم وقلوبِكم» الراوي: أبو هريرة (صحيح ابن ماجه؛ رقم: 3359).
وهذا من المسائل الحرجة  التي يجب على المسلم أن يحتاط لها غاية الحيطة، فأمراض القلوب كثيرة وعلى رأسها الشرك الخفي وقد وصف بأنه أخفى من دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.
و نستطيع قياس أمراض القلوب على هذا المقياس الدقيق، لأنه في الأغلب الأعم أن الإنسان لا يدرك أنه يحمل في قلبه مرضًا في حين أنه يمكن أن يكون متأصلًا، وهو لو يعلم كم هي مُحبِطَة أمراض القلوب للأعمال لفحص قلبه فحصًا دقيقًا عند القيام بكل عمل، ونظرًا لأنه من الصعب في هذا المقام إحصاء أمراض القلوب فنضرب بعض الأمثلة، فالحسد مثلا هو مما اتصف به إبليس ويوجد في البشر علمًا بأن الحسد وهو واحد فقط من أمراض القلوب إلا أنه يأكل الحسنات فقد قال صلى الله عليه وسلم: « إيَّاكم والحسدَ فإنَّ الحسدَ يأكلُ الحسناتِ كما تأكلُ النَّارُ الحطَبَ ، أو قال : العُشبَ» الراوي : أبو هريرة (الترغيب والترهيبح رقم: [4/30]).
ولما كان الدين كُلًا متكاملًا؛ فإن كل خصلة ذميمة يتخلص منها الإنسان تأخذ معها أختها، فإذا تخلص الإنسان من الحسد مثلًا فغالبًا يذهب معه الحقد والضغينة والعكس صحيح، فالإنسان إذا لم يحمل في قلبه الغل لأحد فلن يحسد.
و إذا تخلص الإنسان من الشرك فلن يجد نفسه مضطرًا للنفاق أو الرياء ، فالعمل الذي يرجو به وجه الله وحده سيتحرى أن يقوم به بعيدًا عن أعين الناس وطلب ثنائهم.
و الإنسان الذي يُرْزَق التوكل على الله لن يجد نفسه مضطرًا لتملق أو مداهنة أحد من عباده.
و لذا الحديث الذي بدأنا به هو صدى للآيتين الكريمتين الأولى قوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق:9].
لأن الأعمال قد تكون كثيرة وغزيرة ولكن لم يرد بها وجه الله والرد عليها في قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا} [ الفرقان:23].
أما الآية الأخرى في سورة الهمزة في قوله تعالى: {كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ . نَارُ اللَّـهِ الْمُوقَدَةُ .الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ } [الهمزة:4 -7].
حيث لا قيمة للعمل الظاهري وقد خلا من الإخلاص أو شابه سوء نية، أو أريد به الخير ظاهريًا وهو حقيقةً لضرر المسلمين، أو أُريدَ به حتى مجرد إيلام مسلم واحد أو إيذاءه فحرمة المسلم عند الله عظيمة ولا يستبعد أن يدرج المسلم الذي يخون المسلمين باطنًا مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار بعد امتحان السرائر والأفئدة.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢