{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَة}
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
بسم الله الرحمن الرحيم: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَة فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور:19].قال ابن العربي: "{يُحِبُّونَ} يَعْنِي يُرِيدُ ذَلِكَ وَيَفْعَلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ فِعْلُ الْقَلْبِ، وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَظْهَرَهُ".
قال القرطبي: "{أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَة} أي تفشو؛ يقال: شاع الشيء أي ظهر وتفرّق".
قال أبو حيان: "وتعليق الوعيد على محبة الشياع دليل على أن إرادة الفِسق فِسق".
الْفَاحِشَة: الْفِعْل الْقَبِيح الْمُفْرِط الْقُبْح، وَقِيلَ: الْفَاحِشَة فِي هَذِهِ الْآيَة الْقَوْل السَّيِّئ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} أي: يعلم ما في ذلك من المفاسد فيعظكم لتجتنبوا وأنتم لا تعلمون فتحسبون التحدُّث بذلك لا يترتب عليه ضرٌ فلذالك علمكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال: "من حدَّث بما أبصرت عيناه، وسمعت أُذناه، فهو من {الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَة فِي الَّذِينَ آمَنُوا}".
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: "من أشاع الفاحشة فعليه النكال، وإن كان صادقًا".
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "العامل الفاحشة، والذي يشيع بها، في الإثم سواء".
قال عليه الصلاة والسلام: «لم تَظهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتَّى يُعلِنوا بِها إلَّا فَشا فيهمُ الطَّاعونُ والأوجاعُ الَّتي لم تَكُن مَضت في أسلافِهِمُ» (رواه ابن ماجة وغيره).
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أصبح من نفل القول أن نسمع أو نقرأ أو نشاهد فضيحة فلان من الناس سواءًا كان لاعب أو إعلامي أو مسئول...
أو من عامة الناس أو حتى من بلدٍ مُعيَّن خليجي أو إفريقي...
من خلال صورة أو مقطع قد يكون حقيقي أو مفبرك، فيتقاذفها سفهاء الناس فتسري في الآفاق؛ عبر المنتديات، والإيميلات، والواتس اب، والفيس بوك، وتويتر.
فيسمع بها القاصي والداني، ويراها الطفل وذو الشيبة، ويتحدَّث بها العالِم والجاهل، وما تكاد تخبو حتى تنبعث غيرها أخرى وهكذا...
كما إن مما عمَّت به البلوى انتشار النكات والصور والمقاطع "المُخلَّة والفاضحة"؛ التي هانت في عيون كثير من الناس، بسبب شيوعها.
ومعلوم أن الشرَّ يهون في نظر الناس إذا اعتادوا عليه، فلم تعد القلوب تُنكِر، ولا النفوس تنفر، وزانت في عيون من لم يكن يعرفها، حتى أنه يبحث عنها ويريد تقليدها، فتعلَّم الصغير وانساق الكبير.
فيا من ابتُلي بتبادل ونشر النكات والصور والمقاطع التي تُحرِّك الشهوات، وتُظهِر العورات، وتفضح الخلوات؛ اِعلم أنك واقع تحت وعيد الله بالعذاب الذي وصفه الله جلَّ في علاه بـ "الأليم" في الدنيا وفي الآخرة بعذابين الفضيحة والنار وأن عليك وزر من نظر إليها ومن نشرها إلى يوم الدين.
أحمد الهداف