نُراوَحُ بالحوادثِ، أَو نُغادَى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
نُراوَحُ بالحوادثِ، أَو نُغادَى | ونُنكرُها، ونُعطيها القِيادا |
ونحمَدُها وما رعتِ الضَّحايا | ولا جزتِ المواقفَ والجهادا |
لحاها اللهُ، باعتنا خيالاً | من الأَحلامِ، واشترتِ اتّحادا |
مشيْنا أَمسِ نلقاها جميعاً | ونحنُ اليومَ نلقاها فرادى |
أضلتنا عن الإصلاح، حتى | عَجَزْنا أَن نُناقشَها الفسادا |
تُلاقِينا، فلا نَجِدُ الصَّياصِي | ونَلقاها، فلا نجدُ العَتادا |
ومَنْ لَقِيَ السِّباعَ بغيرِ ظفرٍ | ولا نابٍ تمزَّقَ أَو تفادَى |
خَفضنا من عُلُوِّ الحقِّ حتى | تَوهَّمنا السيادة َ أَن نُسادا |
ولمَّا لم نَنلْ للسيفِ ردّاً | تنازعْنا الحمائلَ والنِّجادا |
وأقبلنا على أقوالِ زورٍ | تجيءُ الغيَّ تقلبه رشادا |
ولو عُدنا إليها بعدَ قرْنٍ | رحمنا الطرسَ منها والمدادا |
وكم سحرٍ سمعنا منذُ حينٍ | تضاءَلَ بين أَعيُننا ونادى |
هنيئاً للعدوِّ بكلِّ أرضٍ | إذا هو حلَّ في بلدٍ تعادى |
وبُعداً للسيادة ِ والمعالي | إذا قطعَ القرابة َ والودادا |
وربَّ حقيقة ٍ لا بدَّ منها | خدعْنا النَّشْءَ عنها والسَّوادا |
تعدُّ لحادثِ الأيام صبراً | وآونة ً تعدُّ له عنادا |
وتخلف بالنهى البيضَ المواضي | وبالخُلق المثقَّفة الصِّعادا |
لمحنا الحَظَّ ناحية ً، فلما | بلغناها أحسَّ بنا، فحادا |
وليس الحظُّ إلا عبقريَّا | يحبُّ الأريحية َ، والسدادا |
ونحن بنو زمانٍ حواليٍّ | تنقلَ تاجراً، ومشى ، ورادا |
إذا قعد العبادُ له بسوقٍ | شرى في السوق، أَو باع العِبادا |
وتعجبه العواطفُ في كتابٍ | وفي دمع المُشَخِّصِ ما أَجادا |
يُؤمِّننا على الدستورِ أَنَّا | نرى من خلفِ حوزته فؤادا |
أبو الفاروق نرجوه لفضلٍ | ولا نخشى لِما وَهبَ ارتدادا |
ملأنا باسمه الأفواهَ فخراً | ولقبناه بالأمسِ المكاد |
نُناجيه، فنسترعِي حكيماً | ونسأَله فنستجدي جَوَادا |
ولم يزلِ المحبَّبَ، والمفدَّى | ومرهمَ كلِّ جرحٍ، والضِّمادا |
تَدفَّق مَصْرفُ الوادي، فرَوَّى | وصابَ غمامُهُ، فسقى ، وجادا |
دعا فتنافستْ فيه نفوسٌ | بمصرَ لكلِّ صالحة ٍ تنادى |
تقدمُ عونها ثقة ً ومالاً | وأحياناً تقدمهُ اجتهادا |
وأقبلَ من شبابِ القومِ جمعٌ | كما بنتِ الكهولُ بنى ، وشادا |
كأن جوانبَ الدارِ الخلايا | وهم كالنحل في الدار احتشادا |
فيا داراً من الهممِ العوالي | سُقيتِ التِّبرَ، لا أَرْضَى العِهادا |
تأَنَّى حينَ أَسَّسَكِ ابنُ حربٍ | وحينَ بنى دعائمكِ الشدادا |
ولا ترجى المتانة ُ في بناءٍ | إذا البنَّاءُ لم يُعْطَ اتِّئادا |
بنى الدارَ التي كنّا نراها | أمانيَّ المخيَّل، أو رقادا |
ولم يَبْعُدْ على نفسٍ مَرَامٌ | إذا ركبتْ له الهممَ البعادا |
ولم أَرَ بعدَ قدرتِه تعالى | كمَقدِرَة ِ ابنِ آدمَ إن أَرادا |
جرى والناسَ في ريب وشكٍّ | يَرومُ السَّبْقَ، فاخترقَ الجيادا |
وعوديَ ودونها حتى بناها | ومن شأْنِ المجدِّدِ أَن يُعادى |
يَهونُ الكيدُ مِنْ أَعدَى عدُوٍّ | عليكَ إذا الوليُّ سعَى وكادا |
فجاءت كالنهارِ إذا تجلَّى | عُلُوّاً في المشارقِ وانطيادا |
نصونُ كزائمَ الأموالِ فيها | وننزلها الخزائنَ والنضادا |
ونُخرجُها، فتكسِبُ، ثُمَّ تأْوِي | رجوعَ النحل قد حملنَ زادا |
ولم أرَ مثلها أرضاً أغلَّتْ | وما سقيتْ، ولا طعمتْ سمادا |
ولا مُستوْدعاً مالاً لقومٍ | إذا رجعوا له أَدَّى وزادا |
ومن عجبٍ نُثبِّتُها أُصولاً | وتِلك فروعُها تَغشَى البلادا |
كأنّ القطرَ من شوقٍ إليها | سَما قبلَ الأَساسِ بها عِمادا |
ولو ملكتْ كنوزَ الأرضِ كفِّي | جعلتُ أساسها ماساً ورادا |
ولو أن النجومَ عنتْ لحكمي | فرشتُ النيِّراتِ لها مِهادا |