خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا | وهادَنَّا، ولم نُلقِ السِّلاحَا |
رضينا في هوى الوطنِ المفدَّى | دمَ الشهداءِ والماَ المطاحا |
ولمّا سلّّت البيضُ المواضي | تقلدنا لها الحقَّ الصراحا |
فحطَّمْنا الشَّكيمَ سِوَى بقايا | إذا عَضَّتْ أَرَيْناها الجِماحا |
وقمنا في شِراعِ الحق نَلْقَى | وندفع عن جوانيه الرياحا |
نعالج شدة ً، ونروض أخرى | ونسعى السعيَ مشروعاً مباحا |
ونستولي على العقبات إلا | كمينَ الغيبِ والقدرَ المتاحا |
ومنْ يصبرْ يجدْ طولَ التمنِّي | على الأَيام قد صار اقتراحا |
وأَيامٍ كأَجواف الليالي | فقدنَ النجمَ والقمرَ اللياحا |
قضيناها حيالَ الحربِ نخشى | بقاءَ الرِّق، أو نرجو السراجا |
تَرَكْنَ الناسَ بالوادي قعودا | من الإعياءِ كالإبل الرَّزاحى |
جنود السلم لا ظفرٌ جزاهم | بما صبروا، ولا موتٌ أَراحا |
ولا تلْقى سوى حيٍّ كَميْتٍ | ومنزوفٍ وإن لم يسقَ راحا |
ترى أسرى وما شهدوا قتالاً | ولا اعتقلوا الأسنَّة والصفاحا |
وجَرْحَى السَّوْطِ لا جَرْحَى المواضي | بما عمل الجواسيسُ اجتراحا |
صباحُك كان إقبالاً وسعداً | فيا يومَ الرِّسالة ِ، عِمْ صَباحا |
وما تألوا نهاركَ ذكرياتٍ | ولا برهانَ عزتك التماحا |
تكاد حِلاك في صفحات مصرٍ | بها التاريخُ يفتتح افتتاحا |
جلالك عن سنا الأضحى تجلَّى | ونورك عن هلالِ الفطر لاحا |
هما حقٌّ، وأنت ملئتَ حقَّا | ومثَّلتْ الضحيَّة َ والسماحا |
بعثنا فيك هاروناً وموسى | إلى فرعونَ فکبتَدَآ الكفاحا |
وكان أعزَّ من روما سيوفاً | وأطغى من قياصرها رماحا |
يكاد من الفتوح وما سَقَتْهُ | يخالُ وراءَ هيكلهِ فتاحا |
وردَّ المسلمون فقيل: خابوا | فيا لَكِ خيبة ً عادت نجاحا! |
أَثارت وادياً من غايَتَيْه | ولامت فرقة ً وأستْ جراحا |
وشَدَّتْ مِن قُوَى قَومٍ مِراضٍ | عزائمهم فردَّتْها صِحاحا |
كأن بلالَ نوديَ: قم فأذَّنْ | فرجَّ شعابَ مكة َ والبطاحا |
كأَن الناس في دينٍ جديدٍ | على جنباته استبَقوا الصلاحا |
وقد هانت حياتهمُ عليهم | وكانوا بالحياة ِ هُمُ الشّحاحا |
فتسمع في مآتمهم غناءً | وتسمع في ولائمهم نُواحا |
حواريينَ أوفدنا ثقاتٍ | إذا تركَ البلاغُ لهم، فصاحا |
فكانوا الحقَّ منقبضاً حيياً | تحدَّى السيفَ مُنصلِتاً وَقاحا |
لهم منَّا براءة ُ أهلِ بدرٍ | فلا إثماً نَعُدُّ ولا جُناحا |
ترى الشَّحناءَ بينهم عِتاباً | وتحسب جدَّهم فيها مزاحا |
جعلنا الخلدَ منزلَهم، وزدنا | على الخلدِ الثناءَ والامتداحا |
يميناً بالتي يسعى إليها | غُدُوّاً بالندامة ، أَو رَوَاحا |
وتَعبَقُ في أنوف الحجِّ رُكناً | وتحتَ جِباهِهم رَحْباً، وساحا |
وبالدستور، وهْوَ لنا حياة ٌ | نرى فيه السلامة َ والفلاحا |
أَخذناه على المُهَجِ الغوالي | ولم نأخذه نَيلاً مُستماحا |
بنينا فيه من دمعٍ رواقاً | ومن دمِ كلِّ نابتة ٍ جناحا... |
... لما ملأ الشبابَ كروح سعدٍ | ولا جعل الحياة َ لهم طماحا |
سلواعنه القضية َ، هل حماها | وكان حمى القضية ِ مستباحا؟ |
وهل نظم الكهولَ الصِّيدَ صَفّاً | وألف من تجاربهم رداحا؟ |
هو الشيخُ الفتيُّ، لو استراحت | من الدأبِ الكواكبُ ما استراحا |
وليس بذائقِ النومِ اغتباقاً | إذا دار الرقادُ، ولا اصطِباحا |
فيالَكَ ضَيْغَماً سهِر الليالي | وناضل دونَ غايتِه، ولاحَى |
ولا حَطَمَتْ لك الأَيامُ ناباً | ولا غضَّت لك الدنيا صياحا |