فثَمَّ جَلالة ٌ قَرَّتْ ورامت
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
فثَمَّ جَلالة ٌ قَرَّتْ ورامت | |
سريا صليب الرِّفقِ في ساح الوغى | وانتشر عليها رحمة ً وحنانا |
ولو صَرَّحت لم تُثر الظنونا | وهل تصوّرُ أفراداً وأعيانا؟ |
نزلنَ أَولَ دارٍ في الثرى رَفعَت | للشمس مُلكاً ، وللأقمار سلطانا |
ووقى من الفتنِ العبادَ، وصانا | |
تفننت قبل خلق الفن، وانفجرت | علماً على العُصُرِ الخالي وعِرفانا |
والمسْ جراحاتِ البريَّة ِ شافياً | ما كنت إلا للمسيح بنانا |
أُبَوَّة ٌ لو سكتا عن مفاخرهم | تواضعاً نطقت صخراً وصَوَّانا |
وإذا الوطيسُ رمى الشباب بناره | |
واضرَع ، وسلْ في خلقِه الرّحمانا | |
هم قلَّبوا كرَة الدنيا فما وجدَتْ | جلالُ الملك أَيامٌ وتمضي |
فيا لكِ هِرَّة ً أَكلت بنيها | للهِ له بيعاً ولا صلبانا |
وصيّروا الدهرَ هزءاً يسخرون به | يَسُلُّ من التراب الهامدينا |
لم يَسلك الأَرضَ قومٌ قبلهم سُبُلاً | ولا الزواخرَ أَثباجاً وشُطَّانا |
ومن دُولاتهم ما تعلمينا | |
تقدم الناسَ منهم محسنون مضَوا | للموت تحت لواءِ العِلم شجعانا |
إن الذي أمرُ الممالك كلذِها | بيديه ؛ أحدثَ في الكنانة شانا |
جابوا العُبابَ على عودٍ وسارية ٍ | وأغلوا في الفَلا كاأُسْدِ وحْدانا |
أَزمانَ لا البرُّ بالوابور منتهَباً | ولا «البخارُ» لبنت الماءِ رُبَّانا |
وكان نزيلُهُ بالمَلْكِ يُدعَى | فينتظم الصنائعَ والفنونا |
هل شيَّع النشءُ رَكْبَ العلم، واكتنفوا | لعبقرية ٍ أَحمالاً وأَظعانا؟ |
أوَما ترون الأرضَ خُرّب نصفُها | وديارُ مصرٍ لا تزال جنانا؟ |
عِزَّ الحضارة أعلاماً وركبانا؟ | |
يسيرُ تحت لواءِ العلم مؤتلفاً | ولن ترى كنودِ العلم إخوانها |
كجنود عَمْروٍ ، أينما ركزوا القنا | |
العلمُ يجمعُ في جنسٍ ، وفي وطنٍ | شتى القبائل أجناساً ، وأوطانا |
ولم يزِدْكَ كرسمِ الأَرض معرفة ً | وتارة ً بفضاءِ البَرِّ مُزدانا |
علمٌ أَبان عن الغبراءِ، فانكشفتْ | زرعا، وضرعا، وإقليما، وسُكانا |
أُممَ الحضارة ِ، أنتمُ آباؤنا | منكم أخذنا العلمَ والعرفانا |
وقسم الأرض آكاماً، وأودية ً | نحاذرُ أَن يؤول لآخرينا |
بنيانُ إسماعيل بعد محمدٍ | وتركُك في مسامعها طنينا |
وبيَّن الناسَ عادات وأمزجة ً | سَيَفْنَى ، أَو سَيُفْنِي المالكينا |
وما تلك القبابُ؟ وأَين كانت؟ | وما لكَ حيلة ٌ في المرجفينا: |
ومن المروءة ِ - وهي حائطُ ديننا - | أن نذكرَ الإصلاحَ والإحسانا |
وفدَ الممالك ، هز النيل مَنكبَه | لما نزلتم على واديه ضيفانا |
غدا على الثغرِ غادٍ من مواكبكم | مُمرَّدة البناءِ، تُخالُ برجاً |
لم يعرفوا الأحقاد والأضغانا | |
جرت سفينتُكم فيه ، فقلَّبها | على الكرامة قيدوماً وسكانا |
يلقاكمُ بسماءِ البحر معتدلٌ | نزلتُم بعَروسِ المُلكِ عُمرانا |
ودالتْ دولة المتجبِّرينا | كأنه فلق من خِدره بانا |
أناف خلف سماءِ الليل متقداً | يخال في شُرفات الجوِّ كيوانا |
تطوي الجواري إليه اليمّ مقبلة ً | تجري بوارجَ أَو تنساب خُلجانا |
نورُ الحضارة لا تبغي الركابُ له | لا بالنهار ولا بالليل برهانا |
يا موكبَ العلم، قِفْ في أَرض منْفَ به | فكانوا الشُّهبَ حين الأَرض ليلٌ |
بكى تمائمَهُ طفلاً بها، ويبكي | ملاعباً من دبى الوادي وأحضانا |
أرض ترعرع لم يصحب بساحتها | إِلاَّ نبيين قد طابوا، وكهّانا |
عيسى ابنُ مريم فيها جرّ بُردتَه | وجرّ فيها العصا موسى بن عِمرانا |
لو لا الحياء لناجتْكم بحاجتها | لعل منكم على الأيام أعوانا |
وهل تبقى النفوسُ إِذا أَقامت | ليَّنتُمُ كلَّ قلبٍ لم يكن لانا |
فضاقت عن سفينهم البحار | فلرُبَّ إِخوانٍ غَزَوْا إِخوانا |
أمورٌ تضحكُ الصبيانُ منها | |
وانشر عليها رحمة ً وحنانا | |
وصيَّرنا الدخان لهم سماء | |
وأَراد أَمراً بالبلاد فكانا | هِزبر من ليوث الترك ضاري |
علومَ الحربِ عنكم والفنونا |