مُصابُ بَنِي الدنيا عظيمٌ بأَدهمِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
مُصابُ بَنِي الدنيا عظيمٌ بأَدهمِ | وأعظمُ منه حيرة ُ الشعرِ في فمي |
أأنطقُ والأنباءُ تترى بطيبٍ | وأسكتُ والأنباءُ تترى بمؤلم؟ |
أتيتُ بغالٍ في الثناءِ منضَّدٍ | فمَنْ لي بِغالٍ في الرِّثاءِ مُنظَّم؟ |
عسى الشعرُ أن يجزي جريئاً، لفقده | بَكى التركُ واليونانُ بالدمع والدّم |
وكم من شجاعٍ في العداة ِ مكرَّمٍ | وكم من جبانٍ في اللداتِ مذمَّم |
وهل نافعٌ جَرْيُ القَوافي لغاية ٍ | وقد فتكتْ دهمُ المنايا بأدهم |
رمَتْ فأَصابت خيرَ رامٍ بها العِدَى | وما السَّهمُ إلا للقضاءِ المحتَّم |
فتًى كان سيفَ الهندِ في صورة ِ امرىء ٍ | وكان فتى القتيانِ في مسكِ ضيغم |
لحاهُ على الإقدام حسَّادُ مجدهِ | وما خُلِقَ الإقبالُ إلا لمُقْدِم |
مزعزعُ أجيالٍ، وغاشي معاقلٍ | وقائدُ جَرّارٍ، ومُزْجِي عَرَمْرَم |
سلوا عنه مليونا وما في شعابه | وفي ذرويته من نسورٍ وأعظم |
وقال أناسٌ: آخرُ العهدِ بالملا | وهمتْ ظنونٌ بالتراثِ المقسَّم |
فأَطْلَعَ للإسلام والمُلْكِ كوكباً | من النصر في داجٍ من الشك مُظلِم |
ورحنا نباهي الشرق والغربَ عزَّة ً | وكُنَّا حديثَ الشامتِ المترحِّم |
مَفاخرُ للتاريخ تُحْصَى لأَدهم | ومَنْ يُقْرِضِ التاريخَ يَرْبَحْ ويَغْنَم |
أَلا أَيُّها الساعونَ، هل لَيس الصَّفا | سواداً، وقد غصَّ الورودُ بزمزم؟ |
وهل أقبلَ الركبانُ ينعونَ خالداً | إلى كلِّ رامٍ بالجمارِ ومحرم؟ |
وهل مَسجدٌ تَتْلُونَ فيه رِثاءَه؟ | فكم قد تَلَوْتُم مَدْحَهُ بالترنُّم! |
وكان إذا خاضَ الأسنة َ والظَّبى | تَنَحَّتْ إلى أَن يَعْبَر الفارسُ الْكَمِي |
ومَنْ يُعْطَ في هذي الدَّنِيَّة ِ فُسْحَة ً | يُعَمَّرْ وإن لاقَى الحروبَ ويَسْلم |
عليٌّ أَبو الزَّهراءِ داهية ُ الوغَى | دهاهُ ببابِ الدّارِ سيفُ ابن مُلْجَم |
فروق، اضحكي وابكي فخاراً ولوعة ً | وقُومي إلى نعش الفقيدِ المعظَّم |
كأمِّ شهيدٍ قد أتاها نعيُّة ُ | فخفَّتْ له بينَ البكا والتبسُّم |
وخطِّي له بينَ السلاطينِ مضجعاً | وقبراً بجنبِ الفاتح المتقدِّم |
بَخِلْتِ عليه في الحياة ِ بموكبٍ | فُتوبي إليه في الممات بمأْتم |
ويا داءُ، ما أَنصَفْتَ إذْ رُعْتَ صدرَهُ | وقد كان فيه الملكُ إن رِيعَ يَحتمِي |
ويا أيها الماشونَ حولَ سَريرِه | أَحَطْتُم بتاريخٍ فَصيحِ التكلُّم |
ويا مصرُ، مَنْ شَيَّعْتِ أَعْلى همامة ً | وأَثْبَتُ قلباً مِنْ رَواسِي المقطَّم |
ويا قومُ، هذا منْ يقام لمثله | مثالٌ لباغي قدوة ٍ متعلِّم |
ويا بحرُ، تدري قدرَ مَنْ أَنت حاملٌ؟ | ويا أَرضُ، صونيه، ويا رَبِّي، ارْحَمِ |