إن العروبة بالإسلام عزتها
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
قبل الرسالة قل لي من هم العرب | وأي مجد بنت أم لهم وأب |
تعال فاستقرى التاريخ أمثلة | تر الحقائق فيما تحمل الكتب |
كان التفاخر بالأنساب رائدهم | في كل ناد فماذا حقق النسب |
هل استطاعوا به توحيد أمتهم | كلا ففاقد أمر الشيء لا يهب |
أبناء لخم لكسرى الفرس تابعة | وآل جفنة بالرومان تعتصب |
وذو النباهة فيهم من له وثن | إليه يجأر بالشكوى وينتحب |
واشرف القوم من وأد البنات له | يعد فخرا ومن يقتات ما نهبوا |
وما البسوس وما جرته من فتن | إلا دليل بأن الفكر مضطرب |
نعم وإلا فما مقدار ناقتها | حتى عليها دم الحيين ينسكب |
وكان أول قتلى القوم سيدهم | كليب : ثم توالت بعده النوب |
فأربعون من الأعوام إن خمدت | نار الحروب فنار الحقد تلتهب |
إن كنت في مرية من أمر سيرتهم | فابحث عن الصدق في أخبار من ذهبوا |
سل داحسا والغبيرا عن رهانهما | وكيف عبس وذبيان به نكبوا |
خمسون عاما ونار الحرب ما فتئت | تصلى الفريقين لم يخمد لها لهب |
وسل بين قيلة عن داء باقعة | فيها تحكمت الهندية القضب |
وعن بعاث ومالاقوه من محن | فيه تمخض عنه الحقد والغضب |
فراح يحصد بعض بعضهم سفهاً | وما أفادتهم القربى ولا الحسب |
هذا مثال من التاريخ أنقله | كما روته لنا الأخبار والكتب |
ولو أردنا له حصراً لأعجزنا | فهم على مثل هذا الحال قد دأبوا |
لكن من يتولانا... برحمته | لم يترك الحال فوضى سعيها شعب |
وإنما الله بالإسلام نظمها | شريعة همها الإصلاح لا السلب |
فطوفت في رحاب الأرض حاملة | إلى البرية منهاجا بما يجب |
تاريخهم من رسول الله مبدؤه | وما عداه فزيف كله كذب |
فقد أطل على الدنيا ببعثته | وليس فيها لأمر صالح سبب |
فوحد الله بالإسلام فرقتهم | على يديه وفي توحيدها العجب |
وإذ بتلك البطولات التي جنحوا | بها إلى الشر نحو الخير تنقلب |
فلا ترى صفحة بالعدل مشرقة | إلا وجدت بأيديهم لها كتبوا |
ولا روت كتب التاريخ مكرمة | إلا وفيها بسهم الفوز قد ضربوا |
مكارم سيظل الدهر يذكرها | بالفخر ما شيد في بيدائنا طنب |
سل عابد النار هل أغنت عبادتها | عن عرشه حين جاء الجحفل اللجب |
وهل حتى تاجه الإيوان حين أتى | سعد ومن خلف سعد قادة نجب |
كتائب بتعاليم الهدى انطلقت | لنشرها حيث ساد الشك والريب |
فما دعوا لولاة الفرس ذاكرة | عن المجوسية الرعناء إذ وثبوا |
والشام حيث غزوها فر قيصرها | وفر من خلفه الرومان والعرب |
وحينما نزل الإسلام ساحتهم | لاذت دمشق به واستسلمت حلب |
أتوا إلى القدس باسم الله فانتصروا | ولو أتوا باسم قحطان لما غلبوا |
حقائق لذوي الألباب أذكرها | كما توالت بذكراها لنا الحقب |
أتى الكنانة عمرو وهي كافرة | وللطواغيت في أرجائها نصب |
فراح يدعو لدين الله متبعا | نهج الرسول وفي منهاجه الأرب |
فآمنت مصر بالإسلام وانتظمت | في عقده وتبنت كل مايجب |
وبعد مصر مضى ركب الهدى قدما | بكل ندب إلى العلياء ينتدب |
مضوا من النيل غربا يحملون إلى | تلك البقاع ضياء دونه الشهب |
فبارك الله مسعاهم ومكنهم | من كل طاغية للظلم يرتكب |
فحكموا العدل فيهم حينما حكموا | والناس لا شكل نحو العدل تنجذب |
ومقتضى الدين إعلاء لمبدئه | فكان من أمرهم ما كان وانتدبوا |
منهم رجالا أقاموا صرح مملكة | يشدو بأمجادها التاريخ والأدب |
حتى تذكر ناسيهم أبا لهب | عروبة فأضاعوا الملك وانسحبوا |
فليت طارق لم يبرح حليلته | وليت من معه في الفلك ما ركبوا |
ولا غزوا في سبيل الله أندلساً | ولا فدوا حين عز المال والطلب |
وليت صقر قريش ظل مختبئاً | يلهو به الهم أو يلهو به الطرب |
فلو أعيدت لهم أرواحهم ورأوا | ماتوا من الغم مما يفعل العقب |
لعل من قرأ التاريخ يخبرنا | ففي مقالة أم لابنها عجب |
رأته يبكي فقالت إبك مملكة | أضعتها وعليها اليوم تنتحب |
يا شعر قف بي أقارن جاهليتهم | قبل الهدى ثم ماذا بالهدى كسبوا |
وجاهلية أقوام تعيش على | سبعين نهجا وللإسلام تنتسب |
كان الألى رغم ما في الجهل من نكد | لا يصبرون على ضيم إذا سلبوا |
وقادة اليوم لا شيء يحركهم | حتى ولو مرغوا في الوحل واختضبوا |
موزعون بأمريكا لها عرب | من العبيد وروسيا لها عرب |
منافقون ولكن من سيردعهم | وأكثر القوم من صهبائه شربوا |
بالأمس سيقت إلى الإعدام أندلس | قسرا ونفذ فيها الحكم مغتصب |
واليوم يذبح أهل العجل قدسكم | ويستبيحون ما شاءوا متى رغبوا |
ولو يهب أبو جهل لنجدتكم | ألا ترون أبا جهل هو السبب |
يا شعر قف بع أن طوفت بي حقبا | فق حيث أنت فقد أضناني التعب |
وما وجدت بغير الدين معركة | للعرب فيها على أعدائها الغلب |
إن العروبة بالإسلام عزتها | فإن تولت فلا عز ولا عرب |