يَا ناعِياً فَاجَأ الرُّبُوعَا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يَا ناعِياً فَاجَأ الرُّبُوعَا | أجْزَعْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ جَزُوعَا |
كَفى فُؤادِي مَا فِي فُؤَادِي | لا تَصِفِ الحَادِثَ الفَظَيعا |
كانَ مِنَ الصَّبْرِ لِي دُرُوع | لَمْ يَدَعِ الدَّهُرِ لِي دُرُوعَا |
يَذْهبُ مَيْتٌ وَرَاءَ مَيْتٍ | وَأَنْثَني أذُرِفُ الدُّمُوعَا |
هَذَا حَبِيبٌ قضَى وَيَتْلو | آخَرُ فِي إِثْرِهِ سَرِيعَا |
وَخيْرُ أَهْلِي وَخَيْرُ صَحْبِي | مَضَوا تِبَاعاً وَلاَ رُجُوعَا |
وَمَا بَقَائِي إلاَّ اغْتِرَابٌ | إِذَا ثَوَى رِفْقتِي جَمِيعَا |
عَادَ فَأَذْكَر الأَسَى عَلَيْهِمْ | آخٍرُ نَاءٍ هَوَى صرِيعَا |
أَوْدَى وَفِي صَدْرِهِ صُدُوعٌ | ذَاك الَّذِي يَرْؤُب الصٌّدُوعَا |
وَأَحَرَّ قلْباً علَيْهِ يُدْمَى | مُقلِّباً جنْبَهُ الواجِيَعا |
بَعْدَ النَّجِيعِ المُرَاقِ عَنَّا | هَلْ سَالَ جَرْحٌ أَنْقَى نَجِيعَا |
بَيْنَ ضُلُوعِي نعْشُ حَبِيبٍ | أَذْكَى الأَسى حوْلَهُ الضُّلُوعَا |
يا علمَ البِيعَةِ المُعلَّى | وَحِصْنَها الرَّاسِخَ المَنِيعَا |
وخَيْرَ رَاعٍ فِي خَيْرِ حَقْلٍ | بُورِكَ فِيهِ رَعْيَ القَطِيعَا |
حَقْلٌ سَقاهُ الفِدَى دِمَاءً | بِهَا سَيَبْقَى خصْباً مُرِيعَا |
كُنْتَ شَبِيهَ المَسيحِ تَجْلُو | لِلنَّاسِ تِمْثَالَهُ الْبَدِيعَا |
مُصَوِّراً بِالحَلَى حَلاَهُ | وَحَامِلاً قَلْبَهُ الوَدِيعَا |
بِآيَةٍ لِلْجَّلاَلِ تَلْقَى | فِي الأَنْفُسِ الحُبِّ وَالخُشوعَا |
حاكَيْتَ نَاسُوتَهُ كَمَالاً | وكُنْتَ تِلْميذَهُ المُطِيعَا |
تَبْذُلُ فِي الباقِياتِ بَذْلاً | أَلْطَفَ مَغْزىً مِنْ أَنْ يذِيعَا |
تَلُوذُ بِالحَقِّ لاَ تُرَاعِي | فِيهِ وُصُولاً وَلاَ قُطُوعا |
تُنَاصِرُ الحُرَّ فِي المَسَاعِي | وَتَكْبَحُ الفِتْنَة الشُّمُوعَا |
تُطَهِّرُ الْبَيْتَ لاَ شِرَاءً | تُحِلُّ فِيهِ وَلاَ مَبِيعَا |
وَلمْ تَكُنْ بالْفِدَى ضَنِيناً | وَلمْ تَكُنْ لِلنَّدَى مَنُوعَا |
وَمَا تَوَلَّيْتَ مِنْ صَنِيعٍ | لِلْخَيْرِ أَكْمَلْتَهُ صنِيعَا |
أُوْتِيتَ ذِهْناً خَصْباً وَعِلْماً | إِلى مَدَاهُ الأَقْصى وَسِيعَا |
تَكُتَبُ فَالْوَحْيُ مُسْتَهَلٌّ | يُنْشِيءُ فِي طِرْسِكَ الرَّبِيعَا |
وَالفُصُحُ المُنْتَقَاةُ تُمْلِي | بَيَانَكَ النَّاصِعَ الرَّفِيعَا |
تَخْطُبُ فَالرُّوحُ فِي تَجَلٍّ | مِنْ أَوْجِهِ يَمْلِكُ الجُّمُوعَا |
إِشَارَةٌ كَالشُّعَاعِ هَدْياً | وَمَنْطِقٌ يَطْرِبُ السَّمِيعَا |
شأَوْتَ قِسّاً وَمَا عَرِفْنَا | لهُ بِمَيْدَانِهِ قَرِيعَا |
لَوْ عَادَ مِمَّنْ خَلاَ أُنَاسٌ | لَعَادَ مَتْبُوعُهُمْ تِبيَعا |
خِلاَلُ مَجْدٍ عَلَى زَوَاكِي | أُصُوِلهَا أَنْبَتتْ فُرُوعَا |
لَمْ يُلْفَ إِلاَّكَ عَبْقَرِيٌّ | رَدَّ بِهِ شَمْلَهَا جَمِيعَا |
ضمَّ المَزَايَا إِلى المَزَايَا | وَكانَ إِلاَّ بِهَا قَنُوعَا |
أَمْعنَ فِي كُلِّ مَا تَوَخَّى | إِلى نِهَايَاتِ مَا اسْتُطِيعَا |
بِعَزْمةٍ لا تَهِي وَنفْسِ | إِلَى الْعُلَى لاَ تنِي نُزُوعَا |
وَرِقَّةٍ فِي أَسِىً ضَيْمٍ | لاَ يَقْرِبُ الذُّلَّ وَالخُنُوعَا |
يَقْتَحِمُ الهَوْلَ لاَ يُبَالِي | وَالهَوْلُ قَدْ شَيَّبَ الرَّضِيعَا |
أَلْعَبْقَرِيُّ الكَبِيرُ أَمْسَى | فِي بَرْزَخٍ ضَيِّقٍ ضَجِيعَا |
أَجَابَ مَوْلاَهُ إِذْ دَعَاهُ | لاَ مُسْتَطَاراً وَلاَ مَرُوعَا |
تَبْكِي فِلَسْطِينُ بِانْتِحَابٍ | مِقْدَامَهَا الصَّادِقَ الشَّجِيعَا |
وَالضَّادُ تَأْسَى لِفَقْدِ ذُخْرٍ | بِرَغْمِهَا أَنَّهُ أُضِيَعا |
يَا مَنْ شَجَاهُمْ مِنْهُ هُجُوعٌ | نَفَّرَ مِنْ شَعْبِهِ الهُجُوعَا |
أَلَمْ تَرَوْا كَوْكَباً جَدِيداً | يَبْهُرُ لأْلاَؤُهُ سُطُوعا |
بِحَْسِبُكْم أَنَّهُ يُدَانِي | فِي مَلَكُوتِ الْعُلَى يَسُوعَا |
وَأَنَّ حَبْراً حَمَى حِمَاكُمْ | أَضْحَى لَكُمْ عِنْدَهُ شَفِيعَا |