أَيَعْقِلُ حُزْني عَنْ وَدَاعِكَ مَنْطِقِي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أَيَعْقِلُ حُزْني عَنْ وَدَاعِكَ مَنْطِقِي | وَأَعْلَمُ أَنَّا عَنْ قَرِيبٍ سَنَلْتَقِي |
صَدِيقِي لاَ تَبْعَدْ فَمَا أَنَا مُبْتَغٍ | مِنَ الْعَيْشِ إِنْ تَبْعَدْ وَمَا أَنا مُتَّقِ |
سَبَقْتَ وَفِي قَلْبِي أَسىً لِتَخَلُّفِي | وَمَنْ يَجْرِ فِي المضْمارِ جِرْيَكَ يَسْبَقِ |
فَوَا حَرَبَا مَا لَوْعَةُ الشَّوْقِ فِي غَدٍ | وَبِي قَبْلَ أَنْ تَنْأَى لَظى مِنْ تَشَوُّقِي |
وَيَا شَجْوَ أَطْفَالٍ ضِعَافُ تَرَكْتَهُمْ | وَكُنْتَ عَلَيْهِمْ مُشْفِقاً أَيَّ مُشْفِقِ |
أَفِي الْحَقِّ أَنْ تُلْفَى مَدَى الدَّهْرِ هَاجِعاً | تَمُرُّ بِكَ الأَحْدَاثُ غَيْرَ مُؤَرَّقِ |
وَلَنْ تَنْظِمَ الآرَاءَ نَظْمَ مُوَفِّقٍ | وَلَنْ تَنْثُرَ الآلاَءَ نَثْرَ مُفَرِّقِ |
وَلَنْ تُعْمِلَ الأَقْلاَمَ وَهْيَ أَسِنَّةٌ | فَتَطْعَنَ أَهْلَ الْبَغْي فِي كُلِّ مَفْرِقِ |
إِذَا بَانَ سَرْكِيسُ الأَدِيبُ فَمَنْ لَهُ | بَرَاعَةُ مُفْتَنٍّ وَعِلْمُ مُحَقِّقِ |
وَمَنْ يُبْتَغَى لِلأُنْسِ فِي كُلِّ مَحْفِلٍ | وَمَنْ يُرْتَجَى لِلْغَوْثٍ فِي كُلِّ مَأْزِقِ |
ذَكَاءٌ لَهُ لَمْعُ الْوَمِيضِ إِذَا وَرَى | فَأَشْرَقَ فِي جَوْنٍ مِنَ السُّحْبِ مُطْبِقِ |
وَمَعْنىً كَتَفْتِيحِ الأَزَاهِرِ بَهْجَةً | وَلَفْظٌ كَمَاءِ الْجَدْوَلِ المُتَرَقْرِقِ |
وَلُطْفُ حَدِيثٍ يُطْرِبُ السَّمْعَ آخِذٌ | لِكُلِّ طَرِيفٍ يَشْرَحُ الصَّدْرَ مُونِقِ |
وَمُبْتَكَرَاتٌ كُلَّ آنٍ جَدِيدَةٌ | لَهَا مِنْ أَفَانِينِ الحِلَى كُلُّ رَوْنَقِ |
إِلى خُلُقٍ مَهْمَا يَقُلْ فِيهِ مَادِحٌ | ثَنَاءً عَلَيْهِ قَالَتِ النَّاسُ أَخْلِقِ |
وَعَزْمٌ كَأَنَّ الدَّهْرَ نَاطَ بِبَعْضِهِ | هُمُومَ الْوَرَى مَا بَيْنَ غَرْبٍ وَمَشْرِقِ |
لَقَدْ شَغَلَتْهُ بِالْعُلَى عَنْ حُطَامِهَا | حَيَاةٌ بِهَا إِنْ تُعْنَ بِالرِّزْقِ تُرْزَقِ |
فَإِنْ لَمْ يُعْنِ أَهْلُ الحِطَامِ أَدِيبَهُمْ | فَهَلْ ذَنْبُهُ أَنْ كَانَ غَيْرَ مُوَفَّقِ |
فَدَيْتُكَ لَوْ فِي الأَرْضِ حَيٌّ مُخَلَّدٌ | بِفَضْلٍ لَكُنْتَ المَرْءَ مَا بَقَيْتَ بَقِي |
وَفَيْتَ لَهَا بِالقِسْطِ لَكِنْ تَنُكَّرَتْ | مَنَازِلُهَا فَابْغِ السَّمَاوَاتِ وَارْتَقِ |