يَا مَنْ زَهَا بِسَنَاهُ صَدْرُ النَّادِي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يَا مَنْ زَهَا بِسَنَاهُ صَدْرُ النَّادِي | وَهَوَاهُ فِي المُهَجَاتِ وَالأكْبَادِ |
حَفَلَ الرِّجَالُ يُوَدِّعُونَكَ رَاحِلاً | عَنْهُمْ وَذِكْرُكَ مِلْءُ كُلِّ فُؤَاد |
حَكَمُوا لِقَاضِيهِمْ وَزَكُّوا حُكْمَهُم | فَزَكَا بِإِجْمَاعٍ مِنَ الأَشْهَاد |
فِي زِينَةٍ نَظَمَ الوَفَاءُ جَمَالَهَا | وَمُرَادُهُ مِنْهَا أَجلُّ مُرَاد |
شَرَفاً فَمَا هَذَا وَدَاعٌ إِنَّهُ | عِيْدُ النَّزَاهَة أَكْرَمُ الأعْياد |
عِيدٌ إِلَى سَعْدِ ارْتِقَائِكَ جَامِعٌ | كَبْتَ العُداةِ وَخَجْلَةَ الحُسَّاد |
نِعْمَ الجَزَاءُ لِمَنْ وَفَى بِعُهُوده | وَرَعَى مَوَاثِقَ أُمةٍ وَبِلاَد |
نِعْمَ الْجَّزَاءُ لِمَنْ تَرقَّبَ رَبَّهُ | فِي صَوْنِ أَعْرَاض وَأَمْنِ عِبَاد |
نِعْمَ الْجزَاءُ لِمَنْ أَضاءَ بِرَأْيِه | فَجْرُ الصَّلاَحِ عَشِيَّةَ الإِفْسَاد |
نِعَمَ الْجزَاءُ لِجَاعِلٍ تَصْرِيفُهُ | فِي الْحَقِّ فَوْقَ الوَعْدِ وَالإِيعَاد |
يَا جَامِعَ الأضْدَادِ أَبْدَعَ مَا الْتَقَتْ | أَكَذَا يَكُونُ الْجَمْعُ لِلأضْدَادِ |
أَكَذَا يَكُونُ الْحُكمُ فِي سَادَاتِهِ | أَكَذَا يَكُونُ البَأْسُ فِي الآسَادِ |
أَكَذَا نَدَى الْيَدِ وَهْوَ شَافٍ كَالنَّدَى | أَكَذَا الْعَزِيمَةُ وَهْيَ قَدْحُ زِنَادِ |
أَكَذَا القَضَاءُ فَمَا تَكَبُّرُ شَامِخٍ | مُغْنٍ لَدَيْهِ وَلاَ تَطَامُنُ وَادِ |
أَكَذَا الإِدَالَةُ فِي سَبِيلِ العَدْلِ مِنْ | سَيْفِ الأميرِ لِمِنْجَلِ الحصَّادِ |
بَالغْتَ فِي حُبِّ الْفَقِيرِ مَبَرَّةً | بِأَخِي الشَّقَاءِ رَقيقِ الاسْتِبْدَادِ |
مَا كَانَ أَجْدَرَهُ بِرَاعٍ مُنْصِفٍ | يَرْعَى خُطَاهُ بِرَأْفَةٍ وَسَدَادِ |
رِفْقاً بِهِ وَتَذَكُّراً لِجَمِيلِهِ | أَوْ رَحْمَةً لِشَقَائِهِ المُتمَادِي |
وَهْوَ الَّذِي فَتَحَ الْمُلوكُ فُتُوحَهُمْ | بِهَدِيَّتَيْهِ أَلْمَالِ وَالأوْلاَدِ |
وَهْوَ الَّذِي لَمْ تَسْتَقِلَّ أَرِيكَةٌ | إِلاَّ عَلَى حَقْوَيْهِ والاعْضَادِ |
وَهْوَ الَّذِي لَمْ تُبْنَ رِفْعَةُ أُمةٍ | إِلاَّ عَلَى أَيّدٍ لَهُ وَأَيَادِ |
لَكِنَّهُ قَلَّ الشَّكُورُ وَلَمْ تَزَلْ | لِلْمَرءِ هذِي الدَّارُ دَارَ عِنَاد |
مَنْ لَيْسَ يَعْرِفُ مَا عَلَيْهِ وَمَالَهُ | فَصَفِيُّهُ ظُلْماً لَهْ كَالعادِي |
وَالحَقُّ لاَ يَعْلُو بِغَيْرِ خُصُومَةٍ | مَسْمُوعَةِ الإِتْهَامِ وَالإِسْنَادِ |
إِنْ يَرْكَبِ الْبَاغِي هَوَاةُ مَطِيَّةً | فَأْشدُّ بَغْياً خُضَّعُ الاجْيَادِ |
عَجبٌ لعَمرُكَ أَنْ تُصادفَ رَاجِلاً | يَمْشِي فَيَتْعَبُ وَهْوَ رَبُّ جَوَاد |
وَأَشَدُّ بِدْعاً عِزُّ فَرْدٍ جَاهِلٍ | أَوْ مُرْتَقَى جمَع قُوَاهُ بَدَاد |
كُلُّ السَّلاَمَة آيةٌ مَأْخوذَةٌ | عَنْ خِبْرَة الآباءِ وَالأجْدَاد |
أُلْقُوا إلى النُّخَبِ الْكِرامِ قِيَادَكُمْ | لَكِنْ خُذُوا غُلَوَاءَهُمْ بِقِيَاد |
يَا خَادماً أَوْطَانَهُ بِحَصَافَةٍ | آثارُهَا تَبْقَى عَلَى الآبَاد |
كَمْ فِي الجُمُوعِ يُرَى ذَكَاءٌ شَائِ | عٌ لَكِنْ تَرَى الأخْلاقَ فِي أَفْرَاد |
أَحْكِمْ بِرَأْيِكَ مُبْديءِ السُّنَنِ الَّتي | هِيَ فِي الخِلاَفِ مَنَائِرُ الرُّوَّاد |
سَيَقُولُ مَنْ يَسْتَنُّهَا فَصْلا بِهَا | هَذَا القَضَاءُ قَضَاهُ عَبْدُ الْهادي |