أَطَلَّت من الشُبّاك وَاللَيلُ نَيِّرُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أَطَلَّت من الشُبّاك وَاللَيلُ نَيِّرُ | فَأَبصَرت الأَوراقَ تُطوى وَتُنشَرُ |
يَغيبُ ضِياءُ البَدر عَنها فَتَختَفي | وَيَظهَرُ مِن بَينِ السَحابِ فَتَظهَرُ |
فَقالَت أَفي البُستانِ ريحٌ لَطيفَةٌ | تبرِّدُ في نَفسي لظىً يَتسعَّرُ |
أَفيهِ خَيالاتٌ أَحَنُّ من الوَرى | تُبَدِّدُ عَنّي بَعضَ ما أَتَذَكَّرا |
وَخَفَّت اِلَيهِ وَاِرتِعاشَةُ جِسمِها | يُلَوِّنُها البَدرُ الحييُّ المصوِّرُ |
فَصادَفَ جَفناها الكَسيرانِ جَدوَلاً | تَخَلَّلَ مَجراهُ سُرادِقُ أَخضَرُ |
وَقد طَفَت الأَزهارُ فَوقَ مِياهِهِ | كَحُلمٍ نَقِيِّ اللَونِ يَأتي وَيَعبُرُ |
وَفي حينِ كانَت ترسل الفكرَ في الد | جى وَفي نَفسِها ماضٍ يَمُدُّ وَيجزرُ |
تَراءَت لِعَينَيها طُيوفٌ مُخيفَةٌ | تَمَجُّ كَأَفواهِ الاِفاعي وَتصفرُ |
وَعادَت لِمَأواها لَدُن عادَ رُشدُها | اليها وَفي الأَجفان يَاسٌ وادمُعُ |
وَأَلقَت بِأَيدي النَومَ مَخمورَ رَأسِها | فَجاوَرَ عَينَيها كَرىً مُتَقَطِّعُ |
تَمُرُّ بِهِ الأَحلامُ خاوِيَةَ الحَشا | جِياعٌ تُزَجّيها طَوائِفُ جُوَّعُ |
جِياعٌ يُؤَدّيها الخَواءُ اِلى الكَرى | فَتَأكلُ أَفلاذَ العُيونِ وَتَشبَعُ |
رُموزُ هَوىً يَستَرفِدُ القَلبَ بُلغَةً | إِذا جاعَ أَو يُهوي عَلَيه فَيَبضَعُ |
وَلَمّا طَوى اللَيلُ النَجِيُّ وشاحَهُ | وَجاءَ سَفيرٌ لِلصَّباحِ يُشَيِّعُ |
أَفاقَت وَقد لاثى لَهيبَ شُجونِها | سَماعُ طُيورٍ في الحَديقَةِ تَسجَعُ |
كَمجمَرةٍ أَفنَت مَدى اللَيلِ نارَها | فَما حَشوُها إِلّا رَمادٌ مُجَمَّعُ |
وَرَنَّ صَدى الأَجراسُ في كَبَدِ الضُحى | يُهيبُ بِأَرواحِ التُقاةِ فَتُسرِعُ |
فَقالَت لَعَلَّ اللَهَ يَقبَلُ توبَتي | فَما لِيَ في الدُنيا سِوى اللَهِ مَرجِعُ |