عَذيرُكَ مِن مُستَلهِمينَ تَصَدَّروا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
عَذيرُكَ مِن مُستَلهِمينَ تَصَدَّروا | مَحَطُّ القَوافي وَالرواءُ المُعَطَّرُ |
وَلُبنانُ فَجرُ اللَهِ أَصدَقُ ما بِهِ | وَأَثبَتُ ما فيهِ الجَمالُ المُبَكِّرُ |
وَمِن عَينِهِ نورٌ وَمِن قَلبِهِ هَوىً | فَرَبُّكَ في لُبنانَ يَهوى وَيَنظُرُ |
وَلُبنانُ مِن عَدنٍ جَبينٌ وَمُهجَةٌ | جَرى كَوثَرٌ فيهِ وَأَزهَرَ عَبقَرُ |
وَأَعذَبُ مَن غَنّى بِلُبنانَ بُلبُلٌ | عَلى شَفَتَيهِ قامَ لِلحُبِّ مِنبَرُ |
يُنَثَّرُ مِن حُلقومِهِ ذَهَبُ الربى | وَلبنانُ أَغنى الأَرضِ نوراً وَأَهَرُ |
وَأَكرَمُ مَن غَنّى بِلُبنانَ شاعِرٌ | عَرائِسُهُ دونَ القَواميسِ حُضَّرُ |
يَضِنُّ عَلى جَرعى الكَرامَةِ عِزَّةً | وَيَمرَحُ في مَرعى الجَمالِ يُبذِّرُ |
رَآني حَوارِيُّ القَريضِ فَقالَ لي | أَتاني هُدىً مِنهُ فَقُمتُ أُبَشِّرُ |
أُعَلِّمُ عَشواءَ الهَوى كَيفَ تَهتَدي | وَمَن مُسَّ في أَعراقِهِ كَيفَ يَشعُرُ |
وَقالَ لِيَ الأَجدادُ مِن مَسقَطِ العُلى | كَبِرنا بِهِ وَالفَضلُ بِالفَضلِ يَكبُرُ |
وَأَولادُنا مُستَودَعٌ لِبُذورِنا | نُكَرَّمُ أَو نُخزى بِهِم حينَ نَبذُرُ |
وَقالَت ليَ الفُصحى غَبَطتُ لِسانَهُ | فَمِن لَغوَةٍ لِلشِّعرِ هُذِّبَ عُنصُرُ |
وَإِن ضاقَ هذا الشَعرُ وَهوَ مُحَرَّرٌ | فَما ضَرَّهُ إِنَّ الكَريمَ مُحَرَّرُ |
نَما في مَجاري الشَمسِ عَذبُ بَيانِهِ | فَمَنطِقُهُ الفَورِيُّ كَالشَمسِ نَيِّرُ |
وَمَرَّ بِهِ لُبنانُ أَخضَرَ كَالهَوى | فَإِلهامُهُ كَالحُبِّ رَيّانُ أَخضَرُ |
أَمِن ساذِجِ الأَريافِ أَقبَلَ وادِعٌ | وَعَن بُلغاءِ العَصرِ قامَ يُكَفِّرُ |
وَقالَ ليَ الباروكُ مرَّ بِشَعرِهِ | عَبيري فَمِسكٌ ما نَشَقتُ وَعَنبَرُ |
زُلاليَ مَعقودٌ بِسُكَّرِ لَفظِهِ | وَطيبيَ مَعجونٌ عَلَيهِ مُخَمَّرُ |
أَرانِيَ فيهِ فَالنَسيمُ نَقِيَّةٌ | مَعابِرُهُ وَالبُطمُ نَديانُ مُزهِرُ |
وَلِلشّوفِ أَرواحٌ تَرُفُّ كَريمَةً | عَلى وَحيِهِ وَالوَحيُ لِلرّوحِ مَعبَرُ |
وَفي كُلِّ مَرعىً ضَمَّهُ الشوفُ وائِلٌ | وَفي كُلِّ كوخٍ ضَمَّهُ الشوفُ جَعفَرُ |
وَفي كلِّ مَفتولٍ إِباءٌ مُخَندَقٌ | وَفي كُلِّ مَكحولٍ عَفافٌ مُسَوَّرُ |
وَقالَ أَبو سُعدى حَييتُ بِشِعرِهِ | كَأَنِّيَ فيهِ ما أَزالُ أُزَمجرُ |
وَأَعجَبُ مِن لُبنانَ يَطرى جَبينُهُ | وَما كانَ إِلّا الحَقُّ فينا يُؤمَّرُ |
وَنَحنُ مَواليدُ الجَمالِ وَجُندُهُ | فَما عِندَنا إِلّا الجَمالُ مُسَيطِرُ |
وَإِن عَرِيَت مِن مَرمَرِ الأَمسِ دارَتي | فَفي الخُلُقِ المَوروثِ عاجٌ وَمَرمَرُ |
تَعِبتَ وَلَم تَقنَط وَمِثلُكَ يُرتَجى | وَشِعرُكَ في الدُنيا الحمامُ المُطَيَّرُ |
فَمِن جَبَلٍ وَعرٍ إِلى صَخرِ شاطيءٍ | وَمَن حَمَلَ الآمالَ لا يَتَكَسَّرُ |