أَطبِق جَناحَيكَ مَعقوداً لَكَ الظَفَرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَطبِق جَناحَيكَ مَعقوداً لَكَ الظَفَرُ | فَقَد وَصَلتَ وَشَوطُ المَجدِ مُختَصَرُ |
ما ضَرَّ وَكرَكَ أَن تَأتيهِ مُنطَفِئاً | ما دامَ قَلبُكَ في جَنبَيهِ يَستَعِرُ |
أَلَيسَ مِن ريشِكَ المَحبورِ مُطرَفُهُ | هذي الفِراخُ عَلَيها الأَبرُدُ الحُبُرُ |
تَرَكتَها وَعَلى أَكتافِها زَغَبٌ | وَجِئتَها وَعَلى أَبدانِها أُزُرُ |
هذي البَواكيرُ ما أَورَدتَ سُحرَتَها | إِلّا لِيُخصِبَ في آصالِها الصَدَرُ |
قَذائِفٌ لَن يُرى فَجرُ النسورِ عَلى | أَحلامِها البيضِ إِلّا حينَ تَنفَجِرُ |
أَتَيتَهُ في النحاسِ الحَيِّ طَيِّبَةً | عَلَيهِ مِن روحِكَ الأَعراقُ وَالسُرُرُ |
عَيناكَ في الحَجَرِ المَصبوبِ ساهِرَةٌ | يَقظانَةٌ فيهِما أَحلامُكَ الغُرَرُ |
تُواجِهُ اللَيلَ هَولَ الريحِ صاخِبَةً | ما ضَرَّكَ الذِئبُ جَوعاناً أَوِ النَمِرُ |
نيرانُ عَبقَرَ في عَينَيكَ إِن مَرَدَت | هُزجُ الدُجى فَعَلى عَينَيكَ تَنصَهِرُ |
مَهما طَغى اللَيلُ لا تُشقيكَ زَوبَعَةٌ | وَلا يُجَهَّمُ في أَجفانِكَ الحَوَرُ |
صُلبٌ عَلى الدَهرِ لا تَهوي صَواعِقُهُ | إِلّا عَلى جانِبَي وَقُبَيكَ تَنتَحِرُ |
يَقظانُ وَالناسُ عُميٌ ف مَراقِدِهِم | سِيّانِ ناموا عَلى ذُلٍّ أَمِ اِحتُضِروا |
عارٌ عَلَينا نَنامُ اللَيلَ هانِئَةً | عُيونُنا وَعبابُ اللَيلِ مُعتَكِرُ |
لَم يَبقَ مِن رومَةٍ إِلّا صَغائِرُها | وَمِن قَياصِرِها إِلّا دُمىً كِسَرُ |
وَتَشهَدُ الصُبحَ عُرسَ الصُبحِ مُنعَقِداً | عَلى جَبينِكَ نورٌ مِنهُ يَنضَفِرُ |
وَلائِمٌ لَكَ تُزجى مِن مَوائِدِها | العِطرُ وَالنورُ وَالأَلحانُ وَالصُوَرُ |
وَالشَمسُ بِالجَفنَةِ الخَضراءِ عاشِقَةٌ | مِن مِرشَفَيها دَمُ العُنقودِ يَختَمِرُ |
وَالدُلبُ كِنّارَةُ الأَنسامِ مُرتَعِشٌ | فيهِ لِكُلِّ نَسيمٍ عابِرٍ وَتَرُ |
تَشُدُّ جَفنَيكَ رُؤيا لا قَرارَ لَها | كَأَنَّما الغَيبُ في عَينَيكَ مُنحَصِرُ |
عَينُ العَظيمِ ضِياءُ الأَنبِياءِ بِها | مَرَّ الجَحيمُ وَلَم يُطرَف لَها بَصَرُ |
رَفَعتَ عَنكَ سِتارَ الناسِ مُنتَفِضاً | أَيَحجُبُ الخُلدُ مَن يَبلى وَيَندَثِرُ |
هذي الستارَةُ كانَت في تَشَدُّدِها | عَلَيكَ آخِرَ قَيدٍ شَدَّهُ البَشَرُ |
كَأَنَّها وَهيَ تُنضى خِلعَةٌ كَذَبَت | مِنَ الفَناءِ لِحاءٌ عَنكَ يُقتَتَرُ |
مُنذُ اِبنِ مَريمَ وَالأَكفانُ هاوِيَةٌ | عَنِ النُبوغِ وَصَخُر القَبرِ مُنحَدِرُ |
كَم في بِلادِكَ مِن نَفسٍ تَوَدُّ عَلى | وَقاحِ عَورَتِها أَن تُسدَلَ السُتُر |
جاءَت عَروسُكَ في حُلمي تُخاطِبُني | يَصونُها المَلَكانِ الحُبُّ وَالخَفَرُ |
شَبابُها قُبَلُ الأَجيالِ في دَمِهِ | كَأَنَّهُ بِجَمالِ اللَهِ مُؤتَزِرُ |
في مُقلَتَيها نُجومٌ لِلهَوى جُدُدٌ | وَفي يَدَيها نُجومٌ لِلعُلى أُخَرُ |
مِن جَنَّةِ الحُبِّ غَرسُ الخَيرِ ما نَبَتَت | لَو ذاقَتِ الأَرضُ مِن أَثمارِهِ سَقَرُ |
قالَت ثِمارِيَ لَم تُبذَل لِغَيرِ فَتىً | جَرَت بِهِ الدعَةُ الخَضراءُ وَالكِبَرُ |
كَم شاعِرٍ نَوَّرَت في روحِهِ قُبَلي | فَكُلُّ قُبلَةِ حُبٍّ مِن فَمي قَمَرُ |
وَلَم أَطَأ قَلبَهُ إِلّا عَلى زَهَرٍ | وِسادَتي وَفِراشي قَلبُهُ العَطِرُ |
وَكَم فَتىً بَطِرَ الإِلهامُ في دَمِهِ | فَقامَ يُغصِبُني في شِعرِهِ البَطَرُ |
أَطعَمتُهُ شَفَتي حيناً فَساوَمَ بي | كَأَنَّني سِلعَةٌ تُشرى وَتُحتَكَرُ |
لَمّا رَدَدتُ عَلَيهِ مِعطَفي خَجَلاً | صارَ الحُطَيئَةَ في أَحقادِهِ عُمرُ |
أَبا النُسورِ سَقَيتَ المَوتَ خَمرَتَهُ | فَصُلبُكَ المُصطَفى لِلخُلدِ مُدَّخَرُ |
ما ضَرَّ نَسرَكَ لَم يُعقِب وَقَد نُسِلَت | مِنهُ النُجومُ فَفَوزي وَحدَهُ أُسَرُ |
لرُبَّ حَيٍّ غَدا في قَومِهِ حَجَرا | وَرُبَّ مَيتٍ غَدا حَيّاً بِهِ الحَجَرُ |