عَصَرتُ فُؤادي في إِناءٍ مِنَ الهَوى
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
عَصَرتُ فُؤادي في إِناءٍ مِنَ الهَوى | وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ الفُقَراءِ |
فَقالوا خُمورٌ ما تُبَرِّدُ غُلَّةً | فَتَمتَمتُ واهاً أَكبدَ الشُعَراءِ |
أَيُنكَرُ حَتّى البُؤسُ ما فيكِ مِن غِنىً | وَأَيذُ غِذاءٍ أَنتِ لِلبُؤَساءِ |
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى | وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ الرُؤَساءِ |
وَقُلتُ لَهُم هذا هُوَ العَدلُ فَاِشرَبوا | لَعَلَّكُم تُصغَونَ لِلضُعَفاءِ |
فَمالوا جَميعاً عَن إِنائي وَغَمغَموا | إِناؤُكَ مَحظورٌ عَلى الزُعَماءِ |
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى | وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ السُجَناءِ |
وَقُلتُ لَهُم هذا عَزاءُ قُلوبِكُم | فَلِلأَبرِياءِ التاعِسينَ دمائي |
فَقالوا دِماءٌ ما تَحِلُّ قُيودَنا | فَهاتِ قَوانيناً لِغَيرِ قَضاءِ |
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى | وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ الحُكَماءِ |
وَقُلتُ لَهُم هذا هُوَ النورُ فَاِشرَبوا | فَآراؤُكُم في حاجَةٍ لِضِياءِ |
فَقالوا وَقَد هَزّوا الرُؤوسَ شَماتَةً | ضِياؤُكَ هذا خِدعَةُ الجُهَلاءِ |
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى | وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ الأُمَراءِ |
وَقُلتُ لَهُم هذا هُوَ النُبلُ فَاِشرَبوا | وَطوفوا بِأَقداحي عَلى النُبَلاءِ |
فَقالوا أَتَحقيرٌ لِطَغراءِ جَدِّنا | وَما تَنسَلُ الأَصلابُ مِن شُرَفاءِ |
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى | وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ الشُعَراءِ |
وَقُلتُ لَهُم هذا هُوَ الحُبُّ فَاِشرَبوا | فَأَزياؤُكُم مَرهونَةٌ لِفناءِ |
إِذا الحُبُّ لَم يَضرم لَهيبَ قُلوبِكُم | بَشِعتُم وَلَو جِئتُم بِأَلفِ رِداءِ |
وَما زِلتُ في الدُنيا أَطوفُ بِخِمرَتي | وَحَوليَ شَعبٌ هازِىءٌ بِوَفائي |
إِلى أَن دَهاني اليَأسُ فَاِختَرتُ عُزلَةً | أُفَتِّشُ فيها عَن حُطامِ رَجائي |
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى | لِأَشرَبَها مَمزوجَةً بِبُكائي |
فَشاهَدتُ قَلبي في إِنائِيَ ضاحِكاً | بِهِ دعةٌ عَذراءُ في خَيلاءِ |
فَأَدنَيتُه مِن مِرشَفي وَشَرِبتُهُ | وَما زالَ ماءُ الحُبِّ مِلءَ إِنائي |