خَفَفتُ إِلى أَوجِ العُلى بِمَقاصِدي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
خَفَفتُ إِلى أَوجِ العُلى بِمَقاصِدي | فَأَرجعني صفرَ اليَدَينِ حَواسِدي |
وَكم في رُبى لُبنان من ذي مكيدَةٍ | وَما رائِدُ الحُسّادِ غَير المَكائِدِ |
يَقولونَ عَنّي عِندَ أَوَّلِ نَظرَةٍ | هُوَ الحُزنُ في جِسمٍ من السَقمِ وارِدِ |
أُصيبَ بِمَسٍّ من جُنونِ مزاولٍ | يُرارىءُ بِالعَينَينِ نَحو الفَراقِد |
كَأَنَّ العُلى في مَضرَبِ النَجمِ رابِضٌ | يُخال إِلَيهِ هابِطاً بِقَلائِد |
فَيَنظُمُ فيهِ لِلوُجودِ قَصائِداً | أَلسنا نَراهُ ذائِباً في القَصائِد |
أَجل إِنَّني لِلمَجدِ أَسعى وَمَوطِني | يقصِّرُ عَن إِدراكِ مَجدِيَ ساعِدي |
وَفيهِ رجال كَالأَساوِدِ شيمَةً | وَماذا أُرَجّي من سُمومِ الأَساودِ |
رَأَتني خَريدٌ عِندَها من جَمالِها | طَلائِعُ لَيسَت في الحسانِ الخَرائِد |
منهَّدةُ الثديينِ باسِمَةُ اللمى | وَلَيسَت عَلى ضُعفِ الثَديّ النواهِدِ |
فَقالَت لِماذا لا نَرى لكَ بَسمَةً | تعوّدك الدنيا عَلى ذي العَوائِد |
كَأَنَّك مولود لتلبثَ شارداً | وَما راقَتِ الأَكوانُ يَوماً لشارِدِ |
فَقُلتُ لَها لا أَعرِفُ الخُبثَ وَالريا | لِأَسلُكَ مع رَهطٍ بِلُبنان فاسِدِ |
وُلدتُ وَفي صَدري مَزيجٌ مِن العُلى | وَما رائِدي إِلّا كَرائِدِ والِدي |
إِلى مِصرَ رَحلي يا اِبنَةَ الجار إِنَّني | سَأَترُكُ أَهلي في الحِمى غير واجِدِ |
فَفي أَبطَحِ الأَهرامِ يبسمُ لي غدٌ | وَإِنَّ هنا يَومي يجورُ عَلى غَدي |
لَقَد حانَ بُعدي عَن بِلادٍ خبرتها | وَكم راقَ عيشٌ لَلفَتى المُتَباعِدِ |
فَيا حَبَّذا تِلكَ الكَنانَةُ مورداً | تحدَّر فيها النَيلُ عَذبَ المَوارِدِ |
هناكَ أَبو الخَيراتِ فيهِ فَوائِدٌ | تفيضُ عَلى مَن جاءَهُ لِلفَوائِد |
وَليسَ يَضيعُ السعيُ فيهِ لجاهِدٍ | وَكَم ضاعَ في لُبنانَ سعيٌ لجاهِد |
غدا وَطنُ الأَحرارِ سلعَةَ تاجِرٍ | تُباعُ وَتُشرى خلسَةً في المَعابِدِ |
وَلِلحُرِّ آمالٌ يَراها مشاهداً | تريه بِأُمِّ العَينِ أَنكى المَشاهِدِ |
هو الحَرُّ في لُبنانَ أَصبَحَ جانِباً | يَجور عَلَيهِ ظُلمُ تِلكَ العَقائِد |
تَبدُ مبادي الكُلِّ مع كُل بائِدٍ | وَلكِنَّ مبدا الحرّ لَيسَ بِبائدِ |
زهدتُ بِلادي فَاِترُكي لي لبانَةً | أَمُدُّ إِلَيها في شُسوعِ المَدى يَدي |
لَعَلَّ بِلادي إِن رَأَتنِيَ نائِياً | تَحِنُّ إِلى مَرأى الهَوى في نَشائِدي |