كانَ ما كان |
في رُبى لُبنان |
شاحِبٌ كَالطَيف |
أَهيَفٌ أَسمَر |
ضامِرٌ كَالسَيف |
أَو أَضمَر |
خَدَرُ الرُؤيا عَلى عَينَيه |
وَاِرتِعاشُ الحُبِّ في فَمِهِ |
عَرَقُ الوَحيِ عَلى صُدغَيه |
فاضَ مِن دَمِهِ |
قَلبُهُ ما أَبعَدَ الآثام |
عَن هَواهُ عَن لَياليهِ |
وَالهَوى إِن راحَ يُخفيهِ |
حَدَّثَت عَن سِرِّهِ الأَحلام |
وَأَغانيهِ |
وَالحَوَر سَهران |
موهَنَ الخَضرِ |
وَالقَمَر سَكران |
في النَهرِ |
وَالرُبى أَلوان |
كانَ ما كان |
بَكَّرَ العُصفور |
دونَ ميعادِ |
وَاِستَفاقَ النور |
في الوادي |
وَالصَبا لَمّا تَزَل سَكرى |
تَخبِطُ الدوحَ وَتَمرُدُهُ |
وَبِرِفقٍ تَعطِفُ النَهرا |
لا تُجَعِّدُهُ |
وَالنَدى يَصحو عَلى العُنقود |
فَكَحُلمِ الطِفلِ مَبسِمُهُ |
وَشِفاهُ الشَمسِ تُطعِمُه |
وَتُرَوّي كَنزَهُ المَرصود |
حينَ تَلثِمُهُ |
وَالدُمى الأَجفان |
وَالشَذا العابِر |
كُلُّها أَلوان |
لِلشّاعِر |
كُلُّها أَلحان |
كانَ ما كان |
هذِهِ الأَلواح |
في رُبى زَحلَه |
كَالهَوى وَالراح |
وَالقُبلَه |
جِنَّةُ الأَظلالِ تَرسُمُها |
وَعَروسُ النورِ تُحييها |
عَبقَرٌ النورِ تُحييها |
عَبقَرٌ حَتّى جَهَنَّمُها |
عَرَّشَت خَضرا بِواديها |
دَرَجَت فيها مُخَيَّلَتُه |
شاعِرُ الأَحلامِ وَالحُبِّ |
وَاِرتَوَت مِن نَهرِها العَذبِ |
تَأخُذُ الأَصباغَ اَخيِلَتُه |
مِن دَمِ القَلبِ |
حُبُّهُ النَشوان |
مِن جَنى السِحرِ |
غائِمٌ سَهران |
لِلفَجرِ |
ذاهِلٌ حَيران |
كانَ ما كان |
غَرَّبَ الشَحرور |
وَالنَوى جُرحُ |
فَالمَسا مَهجور |
وَالصُبحُ |
قالَتِ الأَغصانُ لِلنَهرِ |
ذاتَ يَومٍ أَينَ شادينا |
ما دَهى حُلقومَهُ السِحري |
لا يُغَنّينا |
وَالسَواقي قُلنَ لِلزَهرِ |
أَينَ مَن كانَ يُناجينا |
يَملأُ تَلاحينا |
ما دَهاهُ فيمَ لا يَجري |
ظِلُّهُ فينا |
وَالهَوى الظَمآن |
قالَ لِلبانِ |
لا أَرى مَن كان |
يَرعاني |
كانَ ما كان |
عِشتِ يا أَغصان |
عِشتَ يا نَهرُ |
الهَوى رَيّان |
وَالشِعرُ |
فَالدُمى في الكَرمِ ناهِدَةٌ |
وَعَلَيها الطلُّ في حَرَمِ |
كَرِضاعِ الحُبِّ جامِدَةٌ |
نُقَطٌ مِنهُ عَلى الحَلَمِ |
وَرَشاشُ العِطرِ وَالأَنغام |
وَخَريرُ الجَدولِ الكَوثَر |
وَالحَلبُ الخَمرُ وَالعَنبَر |
حُمِلَت مِن شاطيء الأَحلام |
لِذُرى عَبقَر |
فَالمَسا المَلآن |
مِن دَمِ الكَرمِ |
لَم يَزَل يَهمي |
مِثلَما كان |
بِبَنانِ النور |
لَم يَزَل هاروت |
يَفرِشُ الياقوت |
في المَدى المَسور |
وَعَلى هَودَجِهِ الهادي |
يَنفُثُ اللَيلُ مصابيحَه |
وَسَريرُ الحُبِّ في الوادي |
لَم يَزَل لِلطَيرِ أُرجوحَه |
كُلُّ ما مَرَّ بِنا يَبقى |
ثابِتَ اللَونِ كَما كانا |
إِنَّما الأَرواحُ أَحيانا |
حَسبَما تَسفُلُ أَو تَرقى |
تُكسِبُ الأَشياءَ أَلوانا |
وَالهَوى إيمان |
لَم يَزَل ناضِر |
في دَمِ الشاعِر |
مِثلَما كانَ |
في رُبى الأَسرار |
حَيثُ لا شَهوَه |
قالَتِ الأَزهار |
لِلرَّبوَه |
أُنظُري عَينَيِ يا أُمّي |
فَالهَوى باقٍ بِعَينَيهِ |
جَفنُهُ كَم ذابَ في حُلمي |
كُحلُ جَفنَيهِ |
ما أُحَيلى هذِهِ الخَلوَه |
هَل سَمِعتِ الحُبِّ يا أُختِ |
عادَ مُشتاقاً كما عُدتِ |
فَأَجابَت أُمُّها الرَبوَه |
عادَ يا بِنتِ |
قَلبُهُ الوَلهان |
هكذا كانا |
عادَ وَلهانا |
مِثلَما كان |