مَرَّ جُنحٌ مِنَ الظَلامِ وَقَلبي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
مَرَّ جُنحٌ مِنَ الظَلامِ وَقَلبي | لَم يَزَل يَستَمِرُّ في خَفَقانِه |
وَهفا النَومُ عَن جُفوني فَروحي | في وُجودٍ ضَلَّ الهدى عَن مَكانه |
أَنا في مُخدعٍ تَكادُ لَآها | تي تَسيلُ الدُموعُ من جدرانِه |
ضَيِّقٍ مُظلِمٍ فَلَو أَقبَلَ النو | رُ إِلَيهِ لخافَ لَونَ دهانِه |
وَأَمامي القَندنيل يَلمَعُ نوراً | فَإِخالُ الجَحيمَ في لَمَعانِه |
وَأَراهُ يسآلني عَن شُجوني | لَو حباهُ الإِلهُ نطقَ لِسانِه |
يشعُر القَلبُ من دَمي بِدَبيبٍ | كَدَبيبِ البُركانِ في هَيَجانِه |
وَأَرى بَينَ إِصبَعيَّ لفافاً | تَتَلاشى أَعمارُنا كَدُخانه |
ساهِرٌ في كَآبَتي وَحَبيبي | بِسَلامٍ يَنام عن أَشجانِه |
فَبنان الرقاد تسكبُ سِحراً | وَتُذيبُ الأَحلامَ في أَجفانِه |
أَنصفَ اللَيلُ ما لِقَلبي يُناجي | في سُكون الدُجى هَوى سكّانِه |
مسَّهُ عارِضُ الجنونِ فَلَولا | أَضلُعي لاِستَطارَ عن جُثمانِه |
أَسمَعُ اللَيلَ في الفَضاءِ يُغَنّي | وَحَفيفُ الأَوراقِ مِن أَلحانِه |
تِلكَ أُنشودَةُ الحَياةِ يُغَنّي | ها لِسانُ الدُجى عَلى عيدانِه |
وَأَرى ظُلمَةَ الدَجنَّةِ إِبلي | ساً نجومُ الفَضاءِ من أَعوانِه |
موكبُ من عرائِس الجِنِّ يَمشي | لِلِقاءِ الشَيطانِ في إِيوانِه |
هُم يَقولونَ ما بِهِ وَهواه | حسبُما يَبتَغي وَطوعُ بنانه |
حينَ نادى جَنانُه رحمَةَ الحُ | بِّ اِستَجابَ الهَوى نِداءَ جَنانِه |
إِي وَلكِن لَو يُدرِكونَ أُموراً | قَد رماها الفُؤاد في كِتمانِه |
لَو هُمُ يَعلَمونَ ماذا يُقاسي | عاشِقٌ يستَجيرُ في لبنانِه |
لَو دَرَوا أَنَّ في الطَبيعَة عَدلاً | قَطع الظُلمُ كَفَّتَي ميزانِه |
لاِستَباحوا كُفرانَه وَاِستَحَلّوا | أَن يَظَلَّ الحَزينُ في كُفرانِه |
رَبِّ عَفواً لَقَد فَقَدتُ شُعوري | فَشُعوري يَهيمُ في تيهانِه |
كُن شَفيقاً عَلَيَّ وَاِرحَم فُؤادي | إِذ تَراهُ قَد ضَلَّ عَن إيمانِه |
إِنَّ قَلبي مَأوىً لكُلِّ عَذابٍ | قَد أَواهُ الضَنا بِلا اِستِئذانِه |
فَكَأَنّي وُجِدتُ في الكَون حَتّى | أَشربَ الكَأسَ مِن يَدي شيطانِه |
يا صَديقي إِن شِئتَ تِبيانَ قَلبي | فَجَبيني يَنبيك عَن تبيانِه |
رَسم القَلبُ طيفَه فيهِ فَاِنظُر | يَعرفون الكِتاب من عُنوانه |
يا صَديقي أُنظُر لِبُستانِ عُمري | كَيفَ دَبَّ الذُيولُ في أُقحُوانِه |
فَشَبابي أَخنَت عَلَيهِ صُروفٌ | أَفقَدَتهُ النضار من ريعانِه |
صِرت في وِحدَتي أُخاطِب موسه | راشِفاً في الظَلامِ سِحرَ بَيانِه |
كانَ مِثلي فَغَيَّبَ القَبرُ مِنهُ | جَسداً بالياً قُبَيلَ أَوانِه |
شاعِرَ الدَمعِ هَل مِن الدَمعِ بدٌّ | في وُجودٍ أَلعينُ من غدرانِه |
أَفعمَ الكَون بِالعَذابِ حَياتي | فَلِهذا تاقَت إِلى أَكفانِه |