أرشيف المقالات

قالوا عن الوحي أضغاث أحلام - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
إذا ما قوبلت برفض أو سخرية منك أو من صريح الكتاب والسنة الذين تدعو إليهما فلا تحزن فقد قيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو أصعب وأشنع , ومن تلك الأقوال قولهم أنه إنما يعاني من أحلام اليقظة فلا وحي ولا رسالة وإنما هي مجرد أحلام وأوهام وتارة قالوا بل هو شاعر يرجز الكلام وينمقه ليخرج في هذه الصورة وليس وحياً وليس ثم رسالة قط وإن أراد أن نصدقه فليأتنا بمعجزات حسية تؤيده .
و لو آمن من قبلهم من المكذبين بعدما رأوا الآيات الحسية والمعجزات المرئية لآمنوا هم أيضاً ولو كان فيهم الخير لأنصفوا وأنصتوا وتأملوا في الرسالة  و لعلموا أنه الحق المحض من عند الله ولكن هيهات لمثل هذه القلوب الخربة أن تؤمن .
{بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأوَّلُونَ * مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } [ الأنبياء 5 - 6] .
قال السعدي في تفسيره :
يذكر تعالى ائتفاك المكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من القرآن العظيم، وأنهم سفهوه وقالوا فيه الأقاويل الباطلة المختلفة، فتارة يقولون:  {أضغاث أحلام} بمنزلة كلام النائم الهاذي، الذي لا يحس بما يقول، وتارة يقولون:  {افتراه}  واختلقه وتقوله من عند نفسه، وتارة يقولون: إنه شاعر وما جاء به شعر.
وكل من له أدنى معرفة بالواقع، من حالة الرسول، ونظر في هذا الذي جاء به، جزم جزما لا يقبل الشك، أنه أجل الكلام وأعلاه، وأنه من عند الله، وأن أحدا من البشر لا يقدر على الإتيان بمثل بعضه، كما تحدى الله أعداءه بذلك، ليعارضوا مع توفر دواعيهم لمعارضته وعداوته، فلم يقدروا على شيء من معارضته، وهم يعلمون ذلك وإلا فما الذي أقامهم وأقعدهم وأقض مضاجعهم وبلبل ألسنتهم إلا الحق الذي لا يقوم له شيء، وإنما يقولون هذه الأقوال فيه - حيث لم يؤمنوا به - تنفيرا عنه لمن لم يعرفه، وهو أكبر الآيات المستمرة، الدالة على صحة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وصدقه، وهو كاف شاف، فمن طلب دليلا غيره، أو اقترح آية من الآيات سواه، فهو جاهل ظالم مشبه لهؤلاء المعاندين الذين كذبوه وطلبوا من الآيات الاقتراح ما هو أضر شيء عليهم، وليس لهم فيها مصلحة، لأنهم إن كان قصدهم معرفة الحق إذا تبين دليله، فقد تبين دليله بدونها، وإن كان قصدهم التعجيز وإقامة العذر لأنفسهم، إن لم يأت بما طلبوا فإنهم بهذه الحالة - على فرض إتيان ما طلبوا من الآيات - لا يؤمنون قطعا، فلو جاءتهم كل آية، لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم.
ولهذا قال الله عنهم:  {فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأوَّلُونَ } أي: كناقة صالح، وعصا موسى، ونحو ذلك.
قال الله:{مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا } أي: بهذه الآيات المقترحة، وإنما سنته تقتضي أن من طلبها، ثم حصلت له، فلم يؤمن أن يعاجله بالعقوبة.
فالأولون ما آمنوا بها، أفيؤمن هؤلاء بها؟ ما الذي فضلهم على أولئك، وما الخير الذي فيهم، يقتضي الإيمان عند وجودها؟ وهذا الاستفهام بمعنى النفي، أي: لا يكون ذلك منهم أبدا.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢