بلوتُ الحَياةَ فَما مِن أَنيسٍ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
بلوتُ الحَياةَ فَما مِن أَنيسٍ | يُؤآسي هُمومي وَما من صديقِ |
تَقولُ ليَ وَإِمّا رَأَتني | مجدّاً تَقف عَثرةً في طَريقي |
فَيا ربِّ أَطفىء سراجَ شُعوري | لِأَصبحَ ذا بَصرٍ مُستَفيقِ |
وَأَخرس بِصَدري الشَبابَ فَإِنّي | أَوَدُّ اِستِماعَ فُؤادي الحَقيقي |
لَقَد طالَ عَهديَ بِالظُلُماتِ | وَلم أَستَنِر بِسِوى الظُلُماتِ |
كَأَنَّ الدُجى مَشعَلٌ في فُؤادي | تَزيّتُه بِالشَقاءِ الحَياةُ |
فَما الزَهراتُ أَمام عُيوني | سِوى ذِكرَيات الهَوى الماضِيات |
تمُرُّ بِمشهدِها المُستَحَبِّ | وَتذبلُ كَالأَزهَر الذابِلات |
أُقَضّي لَيالِيَّ في مخدعٍ | بَكى والدي حَظَّه فيهِ قَبلي |
فَكَم زارَني فيهِ من زائِرٍ | وَأَبصَرَني بِالدُموعِ أُصَلّي |
نَشَأتُ تَشفّ بيَ الحسراتُ | فَتضوي فُؤادي الكَئيبَ وَتُبلي |
تَمرَّد كلُّ غَريبٍ عَلَيَّ | وَلما كَبِرتُ تَمَرَّد أَهلي |
أَرى اللَيلَ يَفتَحُ إيوانَهُ | لِيَستَقبلَ الأَجفنَ النائِمَه |
وَنَفسيَ هائِمَةٌ في فَضاءٍ | تَخوَّفَ من نَفسِيَ الهائِمَه |
فَيا مَن لهُ الأَعيُنُ الباسِماتُ | أَنِرني بِأَعيُنِكَ الباسِمَه |
تَعالَ وَأَغمِض ذبولَ جُفوني | بِأَنمُلِكَ البَضَّةِ الناعِمَه |
تَعالَ إِلَيَّ فَقَد سَكَتَ الطَيرُ | وَاللَيلُ مُنسَدِلٌ فَوقَ عشِّه |
وَقَد نامَ فَلّاح تِلكَ الحقول | وَفي جَنبِهِ ما جَناهُ برفشِه |
فَكم ملكٍ أَيُّها اللَيلُ يَبكي | أَمام جلالِكَ فَقدانَ عرشِه |
وَكم بائِسٍ ظَلَمته الحَياةُ | يَخالُ سوادَكَ ظلمَةَ نَعشِه |
تَعالَ وَأَنشِد عَلى مَسمَعي | أَغاني الهَوى بِلُغاتِ الخُلود |
وَخُذ ذِكرَياتي إِلى إِلى عالَمٍ | يَطيبُ لِروحيَ فيهِ السُجودِ |
فَهذي الحَياةُ ثَمالَةُ كَأسٍ | سَقاها رَجيمُ الرَدى لِلوُجودِ |
فَدَعني أُنلها بَقايا جمادي | لِتمتَصَّها حَشَراتُ اللحود |
تَعالَ فَإِنَّ دَقائِقَ عمري | تَمُرُّ عَلى مُهجَتي راحِلَه |
وَقَد حَمَلت ليد اللانهايَةِ | أَكياسَ آماليَ الزائِلَه |
غَداً إِن رَأَيتَ خَيالَ الحِمامِ | يَمُرُّ عَلى وَجنَتي الناحِلَه |
تَعالَ وَضع قبلاتِ الوَفاءِ | عَلى شفةِ المائِتِ الذابِلَه |
وَفي الغَدِ حينَ تمرُّ السنونُ | حَيارى عَلى خَدِّكَ الناعِمِ |
وَتَنزِعُ عَنهُ سناءَ الجَمالِ | وَيَبقى سنا روحِكَ الدائِمِ |
سَتذكُرُني ملقِياً هامَتي | بِعَطفٍ عَلى صَدرِكَ النائِمِ |
وَأُسمِعُكَ الشِعرَ عَذباً طَرِيّا | كَسِحرٍ بِمرشفِكَ الباسِمِ |
فَيا مَن ظَهَرتَ لريّقِ قَلبِيَ | في عالَمٍ مقفِرٍ منتنِ |
وَأَشعَلتَ في لَيليَ المكفهرِّ | مشاعِلَ حُبِّكَ في أَعيُني |
وَقُلتَ لِقَلبِيَ كُن عاشِقاً | فَكانَ وَفاضَ من الأَجفُنِ |
تَعالَ إِلَيَّ وَلامس فُؤادي | وَلا تَخشَ من جرحِيَ المُزمِنِ |