أَيُّها الظُلمُ وَالخَنا وَالغُرورُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَيُّها الظُلمُ وَالخَنا وَالغُرورُ | يا خَداعاً تَعفُّ عَنهُ الشُرورُ |
يا كُنوداً وَيا محاباةَ قَومي | يا صُدوراً يَدُبُّ فيها النُفورُ |
يا خِصاماً يا مُنكراتَ بِلادي | يا رِياءً يا حِطَّةً يا فُجورُ |
إِقرِبي ما اِستَطَعتِ من كُبِر نَفسي | أَنا صدري رحبٌ وَقَلبي كَبيرُ |
ليَ نَفسٌ كَالبَحرِ ذات اِتِّساعٍ | فَلُبابٌ يُلقى بِها وَقشورُ |
تَبصقُ الرجس عَن عفاف وَطُهر | وَاللآلي تَبقى بِها فَتَغورُ |
لا يغرَّنكَ أَنَّني مُستَكنٌ | فَإِلى ثَورَةٍ سُكوتي يُشيرُ |
وَاِستَريبي إِذا سَمِعتِ زَفيري | إِنَّ في صَدريَ الزَفيرَ زَئيرُ |
إِقرَبي إِقرَبي فَآلامُ نَفسي | جمرَةٌ يستَطيرُ مِنها السَعيرُ |
جَمرَةٌ في بُركانِها تَتَلَظّى | شاخِصاتٌ إِلى لَظاها الدهورُ |
يا بِلادي كَفاكِ هزءاً بِنَفسي | إِنَّ نَفسي حسامُكِ المَطرورُ |
لا تَقولي قَد أَحرَقَتها البَلايا | كلُّ نَفسٍ لَم تَحتَرِق لا تُنيرُ |
أُترُكيني أُنشد أَغانِيَ حُبّي | أَنا بِالحُبِّ وَالأَغاني فَخورُ |
إِنَّ شعري أَبقى من التاجِ عمراً | ذلِكَ التاج لِلزَوالِ يَصيرُ |
كَم أَميرٍ وَكَم مَليكٍ تَوارى | وَطَوَته دُجنَّةٌ وَقبورُ |
وَالمَعَرّي الضَرير ما زالَ حَيّاً | وَفَقيراً كانَ المَعرّي الضَريرُ |
يا نفوساً تَطَوَّرَ البَأسُ فيها | أَينَ يَأوى حُسامُكِ المَشهورُ |
لَيسَ يُجدي حِلمٌ وَلا اللينُ يُجدي | لِنُفوسٍ شعارُها التَدميرُ |
خُلقَ المجدُ لِلقَديرِ فَجدّوا | لا ينالُ الرقيَّ إِلّا القَديرُ |
وَرِدوا العِلمَ إِنَّ العِلمِ نوراً | وَاِنفُضوا الجَهلَ لَيسَ في الجَهلِ نورُ |
هذهِ التُربَةُ الَّتي أَنشَأَتكُم | عاثَ فيها مسوَّدٌ مَأجورُ |
فَاِنفُضوها فَفي ثُراها نُضارٌ | وَغِناكُم نُضارُها المَذخورُ |
ما نُجيبُ الأَبناءَ إِن سَأَلونا | أَيَّ أَرضٍ أَنَرتُمُ يا بُدورُ |
أَيَّ عارٍ خَلَّفتُمُ لِفِراخٍ | رغب الذلُّ فيهِم يا نسورُ |
أَنُطيقُ الحيا وَنَحن شُيوخٌ | شَرفٌ في صُدورِنا وَشعورُ |
عُجَّزٌ لا نَصيرَ يَدفَعُ عَنّا | ما نُقاسي ما لِلذُنوبِ نَصيرُ |
اَيُّها الفَجر يا سِراجَ البَرايا | عَجَباً مِنكَ كلَّ يَومٍ تَزورُ |
كَيفَ لم تَسأمِ الوجودَ المحابي | أَتُرى أَنتَ مِثلَهُ شَرّيرُ |
أَيَّ يَومٍ زُيوتُ نورِك تَخبو | وَعَلى سُنَّةِ الضِياءِ تَثورُ |
وَتَزجُّ الوجودَ في ظُلُماتٍ | مُستَبَدٌّ في بُردِها الديجورُ |
إِنَّ هذا الوُجودَ أَمسى مُسِنّاً | وَشَقِيّاً أَمسى الوُجودُ الخَطيرُ |
رثَّ فيهِ خُلق الرجال وَرَثَّت | نَزَواتُ العُلى وَرَثَّ الضَميرُ |
لَيسَ فيهِ إِلّا خداعٌ وَزورٌ | وَبليّاتِهِ خداعٌ وَزورُ |
خَلفَ التيسُ في ليثاً هَصوراً | وَيحَ تيسٍ يُنامُ عَنهُ الهصورُ |
عَبثاً نرتَجي الصِيانَةَ ما لَم | تَتَمَزَّق عَن الرِياءِ الستورُ |
قَد أَقَمنا عَلى الجَهالَة عَهداً | وَعلى الجَهلِ لا يُقيمُ البَصيرُ |
أَوَلَسنا وَرّاثَ أَقدَم مجدٍ | في يَدينا صَليلُهُ وَالصَريرُ |
أَوَلَسنا وَرّاثَ شَعبٍ أُنيرَت | بِتَعاليمُه الهداةِ العصورُ |
عَبدوا الفَنَّ نَيِّراً وَعَبَدنا | تَرَّهاتٍ شِعارُها التَبذيرُ |
ما تَبَقّى لَنا مِن الفَنِّ إِلّا | ذِكرَياتٌ هِيَ النِزاعُ الأَخيرُ |
أُمَّةً كانَتِ البِلادُ فَأَمسَت | أُمَّةً ما دَرَت بِمَن تَستَجيرُ |
يُستَبَدُّ الغَنِيُّ فيها وَيَعمى | عَنهُ كلُّ الوَرى وَيَشقى الفَقيرُ |
في ذُراها وَفي السَواحِل يَجري | مِن عروقِ الجُدودِ ماءٌ نَميرُ |
فَاِسجُدوا لِلأَثيرِ فيها وَصَلّوا | فَلُهاثُ الأَجدادِ هذا الأَثيرُ |