أَشكو إِلى قَلبِكَ يا سَيِّدي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَشكو إِلى قَلبِكَ يا سَيِّدي | قَلباً ثَوى في حَظِّيَ الأَسودِ |
أَطلَقتُه طِفلاً وَلما نَمى | أَصبَحَ مُحتاجاً إِلى مُرشِدِ |
أَهكَذا كنتَ وَكانَ الهَوى | في عَهدِ سُلطانِ الصبا الأَيِّدِ |
تنهجُ نَهجَ الطَيرِ في مَرجِهِ | لا تَنتَمي يَوماً لِغَيرِ الدَدِ |
وَالمَرجُ بَسّامٌ بِأَزهارِهِ | لِنَشوَةٍ في طَرفِكَ الأَغيَدِ |
يُريكَ ساعاتِكَ هزّاجَةً | وَيَكتُمُ اليَأسَ مَصيرُ الغَدِ |
فَيلكسُ ما لِلحرِّ من راحَةٍ | في وَطَنٍ يَرتاحُ لِلأَعبُدِ |
بَناتُه مُستَعبَداتٌ بِهِ | تُؤثِر أَن تُعزى لِمُستَعبَدِ |
بَناتُه يا ويحَها من دمىً | جرَّدَها الظُلمُ من الأَكبُدِ |
ذَوَّبَتِ الدُنيا بِأَجفانِها | رَحيقَ جَهلٍ أَكدَرٍ مُفسِدِ |
وَغادَةٍ أَحبَبتُها ضَلةً | وَلم يَكُن قَلبي الفَتى في يَدي |
أَحبَبتُ فيها ما يحبُّ النَدى | في خَطراتِ النُسَمِ الشُرَّدِ |
ما اِستَحكَمَ القَلبانِ حَتّى مَضَت | تَلقي بِأَحلامِيَ في مَوقِدِ |
وَاِنفَجَرَ البُركانُ حَتّى اِنثَنَت | تَدُبُّ نارُ اليَأسِ في مَرقَدي |
فخفتُ أَن يُقضى عَلى عزَّتي | وَأَن يَعيثَ الخَزى لا يرتَدي |
فَقُلتُ لِلقَلبِ اِنتَبِه إِنَّ لي | مجداً ثِياب الخَزي لا يَرتَدي |
وَالمَرأةُ الحَسناءُ صَيّادَةٌ | تَصطادُ قَلبَ الباسِلِ الأَصيَدِ |
ثائِرَةٌ كَالمَوجِ إِن تَلعِب | الأَرواحُ في طَيّاتِهِ يُزيدِ |
لما رَأَتني مُلقِياً عَهدَها | عَلى ضحايا حُبِّها الأَربَدِ |
وَاليَأسُ في عَينَيَّ مُستَحكِماً | لا يَرِدُ الآمالَ من مورِدِ |
أَلقَت بواهي رَأسِها المُجهَدِ | عَلى بَقايا جَسدي الأَملَدِ |
كَأَنَّها وَاليَأسُ يَعتادها | تَلقي بِأَشلاءٍ عَلى جَلمَدِ |
أَوصَدتُ دونَ الحُبِّ قَلبي فَما | يَرجو الهَوى من قَلبِيَ الموصَدِ |
بَينَ ضُلوعي حجرٌ بارِدٌ | رَميتُه في ظُلمَةٍ أَبرَدِ |
خمسَةُ أَعوامٍ تَقَضَّت بِنا | بَينَ عذابٍ مجحفٍ مُلحدِ |
حسبتُها من فَرط أَثقالِها | خَمسَةَ أَجيالٍ بِصَدري النَدي |
أَقعَدَني عَن نَيلِ مُستَقبَلي | همٌّ وَلَولا الهَمُّ لم أَقعُدِ |
وَيلُ الشَبابِ الغضِّ من قَلبِهِ | إِذا أَضلوهُ وَلم يَهتَدِ |
القَلبُ جرمٌ في حَياةِ الفَتى | وَصانِع القَلبِ هو المُعتَدي |
من واجِب الأَيّامِ تحطيمُهُ | عَلى حِفافِ المَهدِ في المَولِدِ |
يا سَيِّدي فَيلكسُ ذي حالَتي | ذي حالَةُ الشاعِر يا سَيِّدي |
إِمّا رَآهُ الحُبُّ مُستَنزِفاً | أَدمُعُهُ قالَ لَهُ غَرّدِ |
بَئِست حَياتي في بِلادٍ غَدَت | تَرتاحُ لِلأَنذالِ من حُسَّدي |
تؤثرُ صوتَ البومِ في نَحسِهِ | عَلى أَغاني البُلبُلِ المُنشدِ |
يا شاعِرَ الآلامِ هذا دَمي | ذوبتهُ شمعاً عَلى مَعبدي |
هذي عِباراتُ الأَسى سُطِّرَت | بِالدَمعِ من أَجفاني الزهَّدِ |
هذي شَكاتي يا خَطيبَ العُلى | أَرفَعُها لِلرَجُلِ الأَوحَدِ |
أَرفَعُها لِلمَجدِ في أَوجِهِ | لِأَنَّه جذوَةُ قَلبٍ صدي |
وَجدتُ في نَفسِكَ ما لَم أَجِد | في أَنفُسٍ مُخمدَةٍ هُجَّدِ |
لامَستُ في أَنّاتِها ثَورَةً | أَخمَدَت النارَ وَلم تَخمُدِ |