حينَ أَقبَلتِ وَالهَوى فيكِ يَحبو
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
حينَ أَقبَلتِ وَالهَوى فيكِ يَحبو | كانَ حُبّي يَفنى وَناريَ تَخبو |
قُلتِ لي بي أَسى فَهَل مِنكَ نُصحٌ | وَبِنَفسي داءٌ فَهَل مِنكَ طِبُّ |
جِئتِ تَستَوصِفينَني في شُؤونٍ | ما بِها لي يَدٌ وَلا لَكِ ذَنبُ |
قُلتِ إِن كانَ لِلشَّرائِعِ رَبٌّ | مُستَبِدُّ أَلَيسَ لِلقَلبِ رَبُّ |
قُلتُ هذا بَيني وَبَينَكِ حَقٌّ | إِنَّما لِلوَرى فُروضٌ وَكُتبُ |
أَلقَوانينُ سَنَّها العَقلُ في النّا | سِ فَبَينَ الضَميرِ وَالعَقلِ حَربُ |
إِن بَينَ السَماءِ وَالأَرضِ حرباً | قُلتِ حَتّى يَصيرَ لِلنّاسِ قَلبُ |
وَمَضَت أَشهُرٌ وَتِلكَ الأَحادي | ثُ يَدُبُّ الهَوى بِها وَيَرُبُّ |
قُلتِ لي مَرَّةً أَتَفهَمُ قَلبي | قُلتُ يا سِتِّ قلتِ لَيلى أَحَبُّ |
قُلتُ يا لَيلَ كَم خَبِرتُ قُلوباً | فَبِنَفسي مِن ذلِكَ الخُبرِ حَسبُ |
غَيرَ أَنّي أَرى بِعَينَيكِ ما لَم | تَرَهُ مُقلَةٌ وَيَلمِسهُ لبُّ |
أَتَكونينَ ذلكَ المَلَكَ البا | قي وَلَو جاءَ مِن جَهَنَّمَ خَطبُ |
أَتَكونينَ فيهِ ما لَم تَكُن أُن | ثى وَما لَم يَكُن مِن الناسِ حُبُّ |
فَتَأَمَّلتِ بي وَقُلتِ وَماضي | كَ أَلَم تَبقَ مِنهُ نارٌ تُشَبُّ |
فَأَفاعي الفِردَوسِ ما زِلنَ حَيّا | تٍ وَما زالَ سُمُّهُنَ يَدُبُّ |
قُلتُ يا لَيلَ قُلتِ بَعدَ الأَفاعي | جاءَ شِعرٌ مُرَطَّبُ الحُبِّ عَذبُ |
صاحِ في عَينَيكَ صَدّاحُ الأَماني | وَعَلى ثَغرِكَ حُبّي وَحَناني |
ما عَلى الدُنيا إِذا عَنَّت بِنا | لَيسَ في الدُنيا سِوانا شاعِرانِ |
فَاِعصُري قَلبَكِ في خَمرِ دَمي | وَاِجعَلي الأَيّامَ في الكَأسِ ثَواني |
وَاِرشِفي مِرشَفي | وَاِهتُفي نَحنُ في |
أُذُنِ الزَمانِ | |
أُغنِيَّتانِ | |
جَمعَ الحُبُّ بِنا كُلَّ الأَغاني | |
كانَ في قَلبي مِنَ الحُبِّ بَقايا | توقظ الماضِيَ وَالماضي خَطايا |
حينَ أَشرَفتِ عَلى قَلبي اِمَّحَت | غَسَلَت روحُكِ بُؤسي وَشَقايا |
وَنَما حُبٌّ جَديدٌ في دَمي | ما نَما أُختَ روحي في سوايا |
ما اِرتَوى بي جَوى | وَالهَوى ما رَوى |
إِلّا هوايا | |
فَإِذا غَنَّيتُ شَعَّت في غِنايا | |
جُنَّتِ الدُنيا كَما نَهوى فَجُنّي | إِنَّما الدُنيا هَوىً مِنكِ وَمِنّي |
أَنزَلَت عَيناكِ في صَحرائِها | مِن سَماءِ الحُبِّ سَلوايَ وَمَنّي |
هيَ كَنّارَةُ فَتحِ في يَدي | طارَ عَن أَوتارِها الشَكُّ فَغَنّي |
فَالغِنا خَمرُنا | وَالمُنى مِلؤُنا |
سَوفَ نَغدو في الوَرى أُسطورَةً | يَنقُلُ الناسُ الهَوى عَنكِ وَعَنّي |
إِنَّ أُنثى غَنَّيتَها مِثلَ هذا ال | شِعرِ نِسيانُها ولَو شِئتَ صَعبُ |
مَن تُراها تَكون أَيَّة أَرضٍ | كانَ فيها زَرعٌ كَهذا وَخِصبُ |
رَأَيتُكِ في قَلبي فَحُلمي مُنَوَّرُ | وَصُبحيَ مِشراقٌ وَلَيليَ مُقمِرُ |
تَرَكتُ أَباطيلَ التَقاليدِ لِلوَرى | فَإِن كُنتُ في إِثمٍ فَعَيناكِ مَطهَرُ |
أُحُبُّكِ لا أَدري لِماذا أُحِبُّها | كَفانيَ إيماني بِأَنِّيَ أَشعُرُ |
وَأَهوى الَّذي تَهوينَ حَتّى كَأَنَّني | بِقَلبِكِ أَستَهدي وَعَينَيكِ أَنظُرُ |
أُحِبُّكِ في قَلبي كَما ثارَ جائِعٌ | وَهَجَّرَ مُشتاقٌ وَصَلّى مُفَكِّرُ |
وَحَقِّ هَوى غَلوا أُحَسُّكِ في دَمي | وَأُقسِمُ ما في غَلَ حُبٌّ مدمَّرُ |
جَرَت في دَمي وَحياً وَتَجرينَ في دَمي | وَلكِنَّ لَونَ الحُبِّ قَد يَتَغَيَّرُ |
أُحِبُّكِ وَالدُنيا سَحابٌ مُغَرِّرٌ | سَرابٌ وَقَبضُ الريحِ حُلمٌ مُكَسَّرُ |
جَعَلنا خَيالَ الحُبِّ فيها حَقيقَةً | فَنَحنُ عَلى وَهمِ المُحِبّينَ جَوهَرُ |
أُحِبُّكِ وَالدُنيا تَغيمُ بِناظِري | غِشاءٌ عَلى عَينِ الشَبابِ مُحَيَّرُ |
أَرى الناسَ مِن حَولي شُخوصاً غَريبَةً | وَكُلُّ غَريبٍ حينَ تَأتينَ يَحضُرُ |
أُحِبُّكِ وَالدُنيا طَنين بِمَسمَعي | كَأَنّي بِالدُنيا حَديثٌ مَغَوَّرُ |
تَهَوِّلُ لي فيها طُيوفٌ كَبيرٌ | وَكُلُّ كَبيرٍ حينَ أَلقاكَ يَصغُرُ |
أُحِبُّك ما أَشهى صَداها بِمَسمَعي | سَماعٌ لِأَحلامي العِذابِ مصَوَّرُ |
تَغَلغَلَ في مَهدي لِأُمّيَ مِن أَبي | وَباقٍ عَلى قَلبي إِلى حينَ أُقبَرُ |
مَن تُراها تَكونُ طوبى لِحُبٍّ | كانَ فيهِ لِمِثلِ شِعرِك سَكبُ |
أَيُّ حُسنٍ أَوحاهُ أَيةُ أُنثى | بي عَذابٌ مِنها كِشِعرِكَ رَحبُ |
تَقرِّبُني نَفسي فَتُبعِدُني غَلوا | وَيَدفَعُني حُبّي فَتَردَعني التَقوى |
أَغالِبُ قَلبي في هَواك فَلا يَني | وَأُوشكُ أَن أَقسو عَلَيهِ فَلا أَقوى |
وَأَشعُرُ في نَفسي بِضَعفٍ أُحِبُّهُ | فَأُلوي بِهِ عَمّا يُقالُ وَما يُروى |
كَأَنِّيَ أَخشى أَن أُطاوِعَ لائِمي | فَأَسمَعُ تَبكيتاً وَلا أَفهَمُ الفَحوى |
أُحِبُّكِ لا أَرجو نَعيماً يُصيبُني | وَأَبذُلُ مِن قَلبي وَلا أَبتَغي جَدوى |
وَقَد كُنتُ أَهوى فيكِ حُسناً أَنا لَهُ | فَأَصبَحتُ أَهوى فيكِ فَوقَ الَّذي أَهوى |
أَراكِ عَلى جَفني أُحسُّكِ في دَمي | وَأَنشَقُ في روحي شَذا روحِكِ الحُلوا |
مَزَجتُكِ بي كَالخَمرِ تُمزَجُ بِالنَدى | فَمِنكِ بِجِسمي كُلُّ جارِحَةٍ نَشوى |
غَير أَنّي أَرى بِسائِرِ ما قُل | تَ هَوىً فيهِ لِلشَّقاءِ مَهبُّ |
أَلغَرامُ الَّذي أَطالَ شُجوني | حار قَلبي بِهِ وَحارَت عُيوني |
لا أُطيقُ الغَرامَ في أَلفِ وَجهٍ | فَاِذهَبي ما عَرَفتُهُ يَكفيني |
وَاِطرُحيني مِن مُقلَتَيكِ وَخَلّيني | تَعالَي في مُقلَتَيكِ ضَعيني |
أَنا في مُقلَتَيكِ أَسعَدُ أَشقى | فيهِما فَاِذهَبي وَلا تَشقيني |
أَنا أَهوى الشَقاءَ لا لَست أَهوا | هُ تَعالَي إِلَيَّ لا بَل دَعيني |
مَن تَكونينَ أَنتِ أَجهَلُ بَل أَع | رِفُ فَاِمضي عَنّي وَمَن شِئتِ كوني |
أَنتِ حُبٌّ في مُهجَتي فَتَعالَي | أَنتِ هزءٌ في ناظِري فَاِترُكيني |
أَنتِ نورٌ في خاطِري وَظَلامٌ | في خَيالي وَريبَةٌ في جَبيني |
وَسُوَيداءُ في دَمي | وَهُمومٌ عَلى فَمي |
أَنتِ عرسٌ في مَأتَمي | بَسمَةٌ في جَهَنَّمي |
وَجَحيمٌ في مَبسِمي | |
آهِ عَيناكِ كَيفَ أُنكِرُ عَينَي | كِ وَقَلبي عَلَيهِما وَفُتوني |
حينَ تَغرَورِقانِ بِالحُبِّ يَطفو | مِن حَناني عَلَيهِما وَحَنيني |
أَنتِ في خاطِري وَروحي نَشيدٌ | زائِلٌ فَاِهدُميهِ أَو فَاِهدُميني |
وَدَعيني أَعُد إِلى يَقظَةِ الماض | ي فَأَحيا في ذِكرَياتِ جُنوني |
آهِ مِن مُقلَتَيكِ لَم يَبقَ إِلّا | وَهَجٌ في يَراعَتي يُغريني |
غَرَقٌ في شَواعِري وَذُهولٌ | في ضَميري وَرِعشَةٌ في جُفوني |
قُلتُ يا لَيلَ قُلتِ شِعرُكَ فيها | حَيَّرَتني فيهِ مَآسٍ تُغِبُّ |
أَرجيمٌ أَتى بِوَجهِ مَلاكٍ | أَم غَزالٌ في قَلبِهِ حَلَّ ذِئبُ |
مَرَّ عَلى قَلبي المُعَنّى | مَرَّ عَصوف عَلى أَخيه |
أَيَعرِفُ القَلبَ كَيفَ جُنّا | وَكَيفَ جُنَّ الغَرامُ فيه |
دَعني فَقَد صارَ نَحنُ كُنّا | وَحَلَّ ما كُنتُ أَتَّقيه |
هَوىً تَسَرّى قَلبي وَحَلّا | عَلى خَطيف |
جاءَ مَعَ الصَيفِ ثُمَّ وَلّى | مَعَ الخَريف |
كَما يَجيءُ الهَوى عَنيفاً | يَمضي عَنيف |
وَليمَةٌ مَدَّها الغَرامُ | وَسادَها الزَهوُ وَالمَرَح |
ما كادَ يَصفو بِها المُدامُ | حَتّى بَدا الشَكُّ في القَدَح |
وَمُذ جَلا عَنّيَ الغَمامُ | رَأَيتُ في قَعرِهِ شَبَح |
سَكَبتُ فيكِ الهَوى أَغاني | وَالقَلبَ راح |
فَأَيُّ شادٍ عَلى حَناني | سَطا وَطاح |
وَأَيُّ مِسخٍ أَحالَ شِعري | إِلى نُباح |
حَلَفتُ بِاِسمِ الهَوى وَبِاِسمِك | فَبِاِسمِ مَن كُنتِ تَحلِفين |
وَحَقِّ قَلبي وَحَقِّ سَهمِك | أَخشى عَلى الخُبثِ أَن يَبين |
أَن يَأكُلَ البُؤسُ جِسمِك | وَتُبذَلَ النَفسُ وَالجَبين |
أَيَحجُبُ الخامِلونَ عَنّي | ما تَبدِعين |
لَقَّنتُ في مُقلَتَيكِ فَنّي | لِلعاشِقين |
وَأَنتِ عِشقي فَلِم أَغنّي | وَتَصمُتين |
قُلتُ يا لَيلَ إِنَّ حُكمَتِ ظالِم | فَاِرحَميها فَالحُبُّ كَاللَهِ راحِم |
لَم تَجيئني بِدون قَلبٍ بَريءٍ | إِنَّما أَلسُنُ الوُشاةِ أَراقِم |
قُلتِ في مُقلَتَيكِ مِنها خَيالٌ | فَهَواها ما ماتَ بَل هُو نائِم |
لَيتَني جِئتُ قَبلَها قُلتُ لَو جِئ | تِ لِأَلفَيتِ في تُرابي جَماجِم |
كانَ قَلبي يا لَيلَ يدفُنُ ماضي | هِ فَلَم تَبتَلي بِتِلكَ المَآتِم |
كانَ روحي إِذ أَقبَلَت يَتَنَزّى ال | حِقدُ فيهِ وَكانَ حُبِّيَ ناقِم |
فَالأَفاعي لَم تُبقِ إِلّا سُموماً | في جَناني وَفي ضَمري سَمائِم |
كانَ في صَوتِها ذَرورٌ مِن السِح | رِ وَهذا الذَرورُ كانَ مراهِم |
فَتَلاشى حُلقومُها في لَظى نَف | سي يلاشي فَحيحَ تِلكَ الحَلاقِم |
حُبُّها كانَ مطهراً لِعَذابي | قُمتُ مِنهُ إِلى نَعيمٍ قائِم |
فَعَلى مُقلَتَيكِ سِحرٌ غَريبٌ | فيهِ مِن بَهجَةِ السَماءِ مَباسِم |
وَنَقاءٌ عَلى جَبينِكِ يا لَي | لى كَأَنَّ المَلاكَ ما زالَ حائِم |
لي إِلى اللَهِ في حَنانِكِ مِرقا | ةٌ وَفي صَوتِكِ الشَجِيِّ سَلالِم |
أَنا يا لَيلَ أَسعَدَ الناسِ حُبّاً | مِلءُ عَيني نورٌ وَقَلبي وَلائِم |
سَوفَ تُمحى رُؤىً وَتَنهارُ أَحلا | مٌ وَتَبلى مُنىً وَحُبّيَ دائِم |