كَم سَهِرتُ الساعاتِ في الظلماءِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
كَم سَهِرتُ الساعاتِ في الظلماءِ | أَرصدُ النُجمَ في فَسيحِ الفَضاءِ |
وَزَفيرُ الفُؤادِ يَعلو تباعاً | فَتوافيهِ مُقلَتي بِالبُكاءِ |
شاعِر الحُبِّ قيل عَنِّيَ قبلاً | لكِن اليَومَ شاعِرُ البُؤَساءِ |
بِسمَ المرجُ لِلرَّبيعِ وَجَفَّت | أَدمُعُ الغَيثِ في عُيونِ الشِتاءِ |
وَتعالى عَرفُ الأَزاهرِ لَمّا | اِنفَرَجَت عَن مَباسِمِ العَذراءِ |
قرب ذاكَ الغَديرِ في المَرجِ طيفٌ | شاحِبُ الوَجهِ بارِزُ الأَعضاءِ |
نَسجَ الجوعُ فَوقَ عَينَيهِ سَتراً | لا نَراهُ في أَعيُنِ الأَحياءِ |
يَتَخَطّى إِلى الأَمامِ قَليلاً | ثُمَّ يَعدو بِسُرعَةٍ لِلوَراء |
فَكَأَنَّ الحِمامَ يَبحَث عَنهُ | وَهوَ يَرجو النَجاةَ بِالالتِجاءِ |
بائِسٌ وَالحَياةُ تَأنَفُ مِنهُ | كَبَقايا الحُطامِ في الدأماءِ |
إِنَّهُ بدعَةٌ مِن اللَهِ لكِن | أَنكَرَتهُ جَماعَةُ الأَغنِياء |
لا عَزاءَ يُنسيهِ بَعضَ عَذابٍ | في لَيالي شَقائِهِ السَوداءِ |
غَيرُ نُجمِ الفَضا تُطِلُّ عَلَيهِ | كَعُيونِ السَما مِن العلياءِ |
حامِلاتٍ سِرَّ الحَياةِ غَريباً | فَيَرى فيهِ روح سرِّ الضِياءِ |
يَتَعَزّى إِذ ذاكَ بَعضُ عَزاءٍ | ما تَراهُ يُفيدُ بَعض العَزاءِ |
تارَةً يسمعُ الغَديرَ يُغَنّي | فَيُوافيهِ صَوتُهُ بِالغِناءِ |
وَغِناءُ الغَديرِ ماءٌ قراحٌ | وَغِناءُ الفَقيرِ رَجو غذاءِ |
تَتَراءى لهُ الكَواكِبُ طَوراً | كَدَنانيرَ أُلقِيَت في الهَواءِ |
فَيمدُّ اليَدَين لَهفاً إِلَيها | غَير أَنَّ الفَضا من البُخلاءِ |
طَرَدته مَدينه الفَحشِ وَالظُل | مِ فَآواهُ مَهبَط الفُقَراءِ |
ذلكَ المَهبَط الَّذي عاشَ فيهِ | هوميروسُ الكَبيرُ في الشعراءِ |
حَشرَجَت روحُه صَباحَ نَهارٍ | بِعَذابٍ فَقاءَها في المَساءِ |
وَعَلى الزَهرِ أَدمُعٌ مِن عُيونِ ال | فَجرِ ما جُفِّفَت بِنورِ ذُكاءِ |
فَكَأَنَّ الدُموعَ مُضطَرِباتٍ | في اللَيالي مراشِفُ الضُعَفاءِ |
تصرخ اللَهُ في الأَعالي اِنتِقاماً | من أُولي الجور من أُولي الإِثراءِ |
أُغرُبي يا مَدينَةَ العارِ إِنَّ ال | مرجَ مَهدٌ لِدَولَةِ الأَنبِياءِ |
هُو مَأوى الزُهورِ وَالزَهرُ طهرٌ | نَثَرته في المَرجِ روحُ السَماءِ |
أُغرُبي يا جَهَنَّماً فَوقَ أَرضٍ | ما رَأَينا فيها سِوى الفَحشاءِ |
فَالشَياطينُ مِن بَني الأَرضِ أَقوا | مٌ همُ سادَةٌ من الزُعَماءِ |
كَثُرَ الإِثمُ في الوُجودِ فَيا ر | بّ تَرَحَّم وَاِعطُف عَلى التُعَساءِ |
هَل خَلَقتَ الغَنِيَّ لِلمَجدِ | وَالبائِسَ أَوجدتَهُ تُرى لِلشَقاءِ |