أرشيف الشعر العربي

كانَ شَفيقٌ لم يَزَل مُختَلي

كانَ شَفيقٌ لم يَزَل مُختَلي

مدة قراءة القصيدة : 3 دقائق .
كانَ شَفيقٌ لم يَزَل مُختَلي في الجِهَةِ اليُسرى من الهَيكَلِ

مُفَكِّراً في حُبِّهِ المُقفَلِ

يُسائِلُ القَلبَ فَلا يَنطِقُ وَالقَلبُ سِرٌّ في الهَوى يَخفِقُ
فَمذ رَأى فُلَّتَهُ الذاوِيَه غَلواءَ ذاتَ الكبدِ الدامِيه

باقِيَةً تَضرَعُ في الزاوِيَه

قالَ أَفِق يا حُبُّ من هَجعِتك فَسيِّدُ الآلامِ في بيعَتِك

أَحبَّ حَتّى مريَمَ الزانِيَه

ثُمَّ دَنا مِنها وَفي مُقلَتِه دَمعٌ يَطوفُ الحُبُّ في مَوجَتِه

كَحِطمَةٍ تُقذَفُ من مُهجَتِه

فَاِنتَفَضَت غَلواءُ من ذُعرِها وَثارَت الأَنفاسُ في صَدرِها

كَأَنَّها البُركانُ في ثَورَتِه

فَقالَ عَفواءً هذِهِ أَدمُعي تَشفَعُ يا غَلواءُ بي فَاِشفَعي

قَطَرتُها من قَلبِيَ الموجِعِ

تَحمِلُ موجاتِها من دَمي حَديثَ حُبٍّ لَم يَرِد من فَمِ

وَلم يَقَع مِن قَبلُ في مِسمَعِ

أَمامَ هذا الهَيكَلِ الأَطهَرِ أَمامَ عَينِ البائِسِ الأَكبَرِ

أَمام شَمعِ المَعبَدِ الأَصفَرِ

وَهذِهِ الأَشِعَّةِ الذائِبَه من فِلذَةِ الغَزالَةِ الشاحِبَه

عَلى رُخامِ المَذبَح النَيِّر

أَمام أَوجاعي أَمامَ الأَلَم أَمام هذا الضُعفِ هذا السَقَم

وَهذِهِ العَينِ الَّتي لَم تَنَم

أَطرَحُ قَلبي لِلهَوى مجمَرَه فَغَمغَمَت غَلواءُ ما اكفَرَه

هذا الهَوى يَمضي وَيَأتي النَدَم

وَحَدَّقَت حيناً إِلى المَغرَمِ وَقَلبُها في صَدرها المظلِمِ

يَمشي من الآلامِ في مَأتمِ

ثمَّ أَمالَت عَينها الساهِيَه عن عَينه الكَئيبَة الباكِيَه

وَاستَغرَقَت في حُلمٍ مُبهَمِ

فَقالَ لا لا تُعرِضي فَالشَقا أَرادَ يا غَلواءُ أَن أُخلَقا

أَن أَعرِفَ الحُبَّ وَأَن اعشَقا

فَأَيُّ سِرٍّ في دُجاكِ استَتَر تُفشيهِ عَيناكِ لِهذي الصُوَر

وَعن فُؤادي لَم يَزَل مُغلَقا

وَلَم يَكَد يَصمُتُ حَتّى سَجَد قُدسُ الهَوى ما ذَلَّ فيه أَحد
كَأَنَّ في مُقلَتها هَيكَلَه يَرى عَلَيهِ سَيِّدَ الجَلجَله

يَفتَحُ لِلحُبِّ جِراحاً جُدَد

وَقالَ غَلواءُ هنا مَعبَدي في صَدرِك المُنطَفىءِ الموقَدِ

وَعَينكِ الغَرقى بِبَحرِ الغَدِ

وَصادَفَت مُقلَتُهُ المَذبحا عَلَيهِ ذَيلٌ من شُعاعِ الضُحى

وَصورَةَ العَذرا فَقالَ اِشهَدي

قالَ اِشهَدي إِنَّ الهَوى يَشهَدُ يا صورَةً لِمَريَمٍ تُعبَدُ

يا مَوقِداً لِلحُبِّ لا يَحمَدُ

الحُبُّ نيرانٌ تُنيرُ السَما فَتُرسِلُ النورَ لنا كُلَّما

حانَ مع اللَهِ لنا مَوعِدُ

أَشِعَّةٌ من مُقلَةِ الخالِقِ تَذوبُ في الاِكبادِ من حالِقِ

فَتَمزُجُ الخالِقَ بِالعاشِق

وَاللَهُ ما أَبدَعَ قَلبَ البَشَر حَتّى يَظَلَّ خامِداً كَالحَجَر

فَالنارُ في عُنصُرِهِ الخافِق

قالَ لَها قَلبُكِ ما أَفجَعَه أَلِلَّهَ ما أَقساهُ ما أَوجَعَه

تَكَلَّمي أَودُّ أَن أَسمَعَه

أَوَدُّ أَن أَحني لَهُ أَضلُعي قَوساً من الحُبِّ فَيَبقى مَعي

ما بَقِيَ العُمرُ وَأَبقى مَعَه

أَوَدُّ أَن أَفرُشَ عَينَيَّ لَه هذا دَمعي أَوَدُّ ان يَأكُلَه

إِنَّ الهَوى يَهوِّنُ الجَلجَلَه

لَيسَ الهَوى يا أُختَ روحي سوى قُربانَةِ الاِرواحِ لَيسَ الهَوى

فَغَمغَمَت غلوا سوى مهزَلَه

وَغادَرتُهُ في اسمىً موغِلِ من مُشكِلٍ يُزَجى الى مُشكِلِ

كَمُدلِجٍ في لَيلِهِ الأَليَلِ

فَقالَ هذا الحُبُّ من أَنزَلَه فَرَنَّ في مِسمَعِهِ المهزَلَه

وَرَجَّعتَها قُبَّةُ الهَيكَلِ

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (الياس أبو شبكة) .

إِنزَعوا مِنِّيَ قَلبي

أَعشُقُ الصَدقَ لا أَقولُ سِوى الحق

أَشِعَّةٌ من مُقلَتَيكَ مُلهِبَه

وَأَهوى عَلى صَدرِها باكِياً

أَبى الحَظُّ إِلا أَن يُصارِعُني دَهري


ساهم - قرآن ٣