الغابة المفقودة
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا لهفة النفس على غاية | كنت وهندا نلتقي فيها |
أنا كما شاء الهوى و الصّبا | و هي كما شاءت أمانيها |
تكاد من لطف معانيها | يشربها خاطر راثيها |
آمنت بالله و آياته | أليس أنّ الله باريها ظ |
... | |
نباغت الأزهار عند الضّحى | متّكئات في نواحيها |
ألوى على الزّنبق نسرينها | و التفّ عاريها بكاسيها |
و اختجلت في الشّمس ألوانها | كأنّها تذكر ماضيها |
تآلفت ، فالماء من حولها | يرقص و الطير تغنّيها |
من لقّن الطير أناشيدها ؟ | و علّم الزهر تآخيها ؟ |
يا هند هذي معجزات الهوى | و إنّها فينا كما فيها |
لا تستحي الزهر بإعلانها | فما لنا نحنت نواريها ؟ |
و تهتف الطير بها في الربى | فما لنا نحن نعمّها ظ |
لله في الغابة أيّمنا | ما عابها إلاّ تلاشيها |
طورا علينا ظلّ أدواحها | و تارة عطف دواليها |
و تارة نلهو بأعنابها | و تارة نحصى أقاحيها |
تسكت إذ نشكو شحاريرها | كأنّما التغريد يؤدّيها |
و إن تضاحكا سمعنا الصدى | يضحك معنا في أقاصيها |
و إن مشينا فوق كئبانها | لاحت فشاقتنا أدانيها |
و فوقنا الأغصان معقودة | ذوائب طال تدلّيها |
إذا هززها عن غرّة | ألقت من الذعر لآليها |
نسير من كهف إلى جدول | نكتشف الأرض و نطويها |
و النور عطر في تعاريجها | و العطر نور في حواشيها |
و تختبي هند فأشتاقها | و أختبي عنها فأغريها |
كم أوهمتني الخوف من طارىء | تشجي بذا نفسي فتشجيها |
فرحت أعدو نحوها مشفقا | فكان ما حاذرت تمويها ! |
فاعجب لأطواري و أطوارها | تعبت منّي و أجاريها ! |
... | |
ألله لو دام زمان الهوى | و دام من هند تجنّيها |
لا غابتي اليوم كعهدي بها | و لا التي أحببتها فيها |
و لا تلال كهنود الدمى | و لا سفوح كتراقيها |
و لا الندى درّ على عشبلها | و لا الأقاحي في روابيها |
و لا الضّحى يلقى على أرضها | شبّاك تبر من أعاليها |
أهبطني أمس إلى حضنها | شوقي إلى سجع قماريها |
فلم تخمّشني بأوراقها | و لم تهلّل لي سواقيها |
قد بدّل الإنسان أطوارها | و اغتصب الطيّر مآويها |
وفتّ بالبارود جلمودها | واتثّ بالفأس دواليها |
و شاد من أحجارها قرية | سكّانها الناس و أهلوها |
... | |
يا لهفة النّفس على غابة | كنت و هندا نلتقي فيها |
جنّة أحلامي و أحلامها | ودار حبّي و تصابيها |
نبكي من اليأس على شوكها | و كان يدميني و يدميها |
كانت تغطّينا بأوراقها | فصارت الدّور تغطّيها ! |