عنوان الفتوى : تفسير قوله تعالى: والذين هم لفروجهم حافظون...
السؤال
أريد تفسير الآية: والذين هم لفروجهم حافظون.
هل كلمة "حافظون" هل قد تأتي في معناها الحماية والحفاظ على صحة الفرج وسلامته؟ مثل الحماية من الأمراض مثل دوالي الخصية واحتقانها، فيجب تفريغ السائل المنوي بشكل مستمر حتى لا يحدث ذلك. هل في هذه الحالة يجوز الاستمناء أو لا إذا انعدم الاحتلام؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمراد بحفظ الفرج: هو حفظه عن الوطء المحرم.
قال ابن جرير في تفسيره: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم) يقول: والذين هم لفروج أنفسهم، وعنى بالفروج في هذا الموضع: فروج الرجال، وذلك أقبالهم. (حافظون) يحفظونها من إعمالها في شيء من الفروج. (إلا على أزواجهم) يقول: إلا من أزواجهم اللاتي أحلهن الله للرجال بالنكاح. (أو ما ملكت أيمانهم) يعني بذلك: إماءهم. (فإنهم غير ملومين) يقول: فإن من لم يحفظ فرجه عن زوجه، وملك يمينه، وحفظه عن غيره من الخلق، فإنه غير موبخ على ذلك، ولا مذموم، ولا هو بفعله ذلك راكب ذنبا يلام عليه .اهـ.
وقال ابن عاشور في تفسيره: الحفظ: الصيانة والإمساك. وحفظ الفرج معلوم، أي: عن الوطء، والاستثناء في قوله: إلا على أزواجهم إلخ استثناء من عموم متعلقات الحفظ التي دل عليها حرف على، أي حافظونها على كل ما يحفظ عليه إلا المتعلق الذي هو أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، والمراد حل الصنفين من بين بقية أصناف النساء. وهذا مجمل تبينه تفاصيل الأحكام في عدد الزوجات وما يحل منهن بمفرده أو الجمع بينه. وتفاصيل الأحوال من حال حل الانتفاع أو حال عدة فذلك كله معلوم للمخاطبين، وكذلك في الإماء. وقوله: فإنهم غير ملومين تصريح بزائد على حكم مفهوم الاستثناء، لأن الاستثناء لم يدل على أكثر من كون عدم الحفظ على الأزواج والمملوكات لا يمنع الفلاح، فأريد زيادة بيان أنه أيضا لا يوجب اللوم الشرعي، فيدل هذا بالمفهوم على أن عدم الحفظ على من سواهن يوجب اللوم الشرعي ليحذره المؤمنون. وزيد ذلك التحذير تقريرا بأن فرع عليه فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون؛ لأن داعية غلبة شهوة الفرج على حفظ صاحبه إياه غريزة طبيعية يخشى أن تتغلب على حافظها، فالإشارة بذلك إلى المذكور في قوله: إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم أي وراء الأزواج والمملوكات، أي غير ذينك الصنفين. اهـ
وأما حكم الاستمناء: فهو محرم عند عامة العلماء؛ ولا يرخص فيه إلا للضرورة، والحاجة -كالعلاج، أو خشية الضرر المحقق الذي لا يمكن دفعه إلا بالاستمناء-؛ قال ابن تيمية: أما الاستمناء باليد: فهو حرام عند جمهور العلماء، وهو أصح القولين في مذهب أحمد، وكذلك يعزر من فعله، وفي القول الآخر: هو مكروه غير محرم، وأكثرهم لا يبيحونه لخوف العنت، ولا غيره، ونقل عن طائفة من الصحابة، والتابعين أنهم رخصوا فيه للضرورة؛ مثل: أن يخشى الزنا فلا يعصم منه إلا به، ومثل: أن يخاف إن لم يفعله أن يمرض، وهذا قول أحمد، وغيره، وأما بدون الضرورة فما علمت أحدًا رخص فيه. اهـ. من مجموع الفتاوى.
والله أعلم.