أم القرى
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
هذه " ملفرد " قد لاحت رباها | فانس ، يا قلب اللّيالي و أذاها |
واشهد الفنّ سفوحا و ذرى | و الهوى الصافي أريجا و مياها |
ههنا أودعت أحلام الصبا | أفما تلمح نورا في ثراها ؟ |
أتلقى الوحي عن بلبلها | و هو و لهان يغني لرباها |
و تحسّ الوحي روحي هابطا | من سماها في ضحاها و مساها |
ذهبت عشرون في فرقتها | ليتها فيها انقضت لا في سواها |
كم جلسنا تحت صفصافتها | أشتكي وجدي و تشكو لي هواها |
و السّواقي استترت إلاّ غناها | و الرّوابي هجعت إلاّ شذاها |
و الصدى في الغاب لم ننبس معا | نسبة إلاّ وعاها و حكاها |
نتناجى ويدي في يدها | فإذا لاح خيال نتلاهى |
أنا دنيا من شباب و هوى | و هي كالروضة قد تمت حلاها |
أحسن الأيّام في العصر انقضت | آه لو ينشرها من قد طواها |
صرت في نيويورك طيفا شاردا | مع طيوف حائرات في سراها |
طرحت عنها رؤاها و مضت | ننشد المجد الذي فيه شقاها |
كنعاج عميت أبصارها | ووهت في طلب العشب قواها |
كلّما جدّت لكي تدركه | وجدته صار في الأرض وراها ! |
أين في نفسي رؤى تسعدها ؟ | سرقت نيويورك من نفسي رؤاها |
في يدي أمري و لا أملكه | و معي ذاتي و أخشى أن أراها ! |
هذه " أمّ القرى " قف في حماها | تسترح نفسي من بعض جواها |
ههنا الإنسان يلقى ذاته | ههنا لا يحجب المال الإلها |
لا تقل لي جئتها عارية | فقرها عندي جميل كغناها |
لم يزل للصيف فيها عبق | و سماء الصيف ما زالت سماها |
لا يزال الحبّ في شلالها | و بواديها حديثا وانتباها |
لم يجردها الشتا من وشيها | بل كساها روعة فوق بهاها |
فهي في ديباجة من صبغه | ما رآها أحد إلاّ اشتهاها |